للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حرفاً للخطاب مجردًا من معنى الاسمية، كما أن الكاف في ذلك وفي هنالك وأبصرك زيدًا للخطاب، [وكما أن التاء في أنت كذلك، فإذا ثبت أنه للخطاب] (١)، معرى من الأسماء، ثبت أن التاء لا يجوز أن يكون بمعنى الخطاب، ألا ترى أنه لا ينبغي أن يلحق الكلمة علامتان للخطاب، كما لا يلحقها علامتان للتأنيث ولا علامتان للاستفهام، فلما لم يجز ذلك أفردت التاء في جميع الأحوال لما كان الفعل لا بد له من فاعل، وجعل في جميع الأحوال على لفظ واحد؛ لأن ما يلحق الكاف في معنى الخطاب يبين الفاعلين، فيخصص التأنيث من التذكير والتثنية من الجمع، ولو لحق علامة التأنيث والجمع التاء لاجتمع علامتان للخطاب مما كان يلحق التاء وما كان يلحق الكاف، فلما كان ذلك يؤدي إلى ما لا نظير له رفض وأجري على ما عليه سائر كلامهم في هذا النحو) (٢).

واحتج ابن الأنباري لمذهب الفراء بأن قال: (لو كانت الكاف توكيدًا لوقعت التثنية والجمع بالتاء كما يقعان بها عند عدم الكاف، فلما فتحت التاء في خطاب الجمع، ووقع ميسم الجمع لغيرها، كان ذلك دليلًا على أن الكاف غير توكيد، ألا ترى أن الكاف لو سقطت لم يصلح أن يقال لجماعة: أرأيت، فوضح بهذا انصراف الفعل إلى الكاف، وأنها واجبة لازمة مفتقر إليها) (٣).

والصحيح مذهب البصريين، وهذا الذي قاله يبطل بكاف ذلك وأولئك؛ لأن ميسم الجمع يقع عليها، وهي حرف للخطاب مجرد من


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ش).
(٢) "الحجة" لأبي علي ٣/ ٣٠٨ - ٣١٠، وانظر: "الحلبيات" لأبي علي ص ٤٢ - ٩٦.
(٣) ذكره السمين في "الدر" ٤/ ٦٢١، وانظر: "تفسير الرازي" ١٢/ ٢٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>