للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يطرد عنه الفقراء, ومعناه: الإبعاد بينه وبينهم، ونهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن استمالتهم بتقريبهم. يقول: ليس عليك من حسابهم من شيء إن كفروا وكذبوا فتطرد الفقراء لتدني مجلسهم منك {وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ} أي: ليس ثوابك عليهم حتى تلين لهم وهو معنى قول ابن عباس: (إنما الله الذي يثيب أولياءه ويعذب أعداءه) فهذا وجه، والمفسرون (١) يردون الكناية إلى {الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} وهم الفقراء وذلك أشبه بالظاهر؛ لأن الكناية في قوله: {فَتَطْرُدَهُمْ} عائدة على الفقراء لا محالة، فكذلك ما قبله من الكناية أشبه أن تعود عليهم، وعلى هذا ذكروا في قوله تعالى: {وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [قولين] (٢):

أحدهما: ما عليك من عملهم ومن حساب عملهم من شيء، وهذا يروى عن الحسن (٣) وابن عباس (٤).

قال أهل المعاني: (هذه القصة شبيهة بقصة (٥) نوح عليه السلام إذ قال له قومه: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ} [الشعراء: ١١١] فأجابهم نوح: {قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١١٢) إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ} [الشعراء: ١١٢ - ١١٣]، وعنوا بقولهم: {الْأَرْذَلُونَ} الحاكة والمحترفين


= {فَتَطْرُدَهُمْ} على الضعفاء من المؤمنين، ويؤيده أن ما بعد الفاء سبب لما قبلها.
(١) ورجح هذا القول الرازي ١٢/ ٢٣٦، وأبو حيان في "البحر" ٤/ ١٣٧، والسمين في "الدر" ٤/ ٦٤٤ - ٦٤٥.
(٢) لفظ: (قولين) ساقط من (ش).
(٣) ذكره ابن الجوزي ٣/ ٤٧، وذكره ابن عطية ٥/ ٢١١، وأبو حيان في "البحر" ٤/ ١٣٦ عن الحسن والجمهور.
(٤) لم أقف عليه.
(٥) ذكره الزجاج في "معانيه" ٢/ ٢٥١ - ٢٥٢، وانظر: "تفسير الرازي" ١٢/ ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>