للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غير أن الاختيار التشديد؛ لأن ذلك كان لهم من الله غير مرةٍ (١).

وقوله تعالى: {مَنْ يُنَجِّيكُمْ} سؤال توبيخ لهم وتقرير أن الله يفعل ذلك (٢). وقوله تعالى: {مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} قال ابن عباس: (من أهوالهما وكرباتهما قال: وكانت قريش تسافر في البر والبحر فإذا ضلوا الطريق وخافوا الهلاك دعوا الله مخلصين فأنجاهم) (٣). قال أبو إسحاق (٤): ({ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} شدائد البر والبحر، والعرب تعبر عن الشدة بالظلمة، يقولون لليوم الذي يلقى فيه شدة: يوم مظلم، حتى أنهم يقولون: يوم ذو كواكب، أي: قد اشتدت ظلمته حتى صار كالليل، وأنشد (٥):

بَنِي أسَدٍ هَلْ تَعْلمُونَ بَلاَءَنا ... إذاً كَانَ يَوْمَ ذَا كَواكِبَ مظلم)


(١) قال مكي في "الكشف" ١/ ٤٣٦: (القراءتان متعادلتان، غير أن التشديد فيه معنى التكرير للفعل على معنى نجاة بعد نجاة) اهـ. وانظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٢٥٨، و"تفسير الفخر الرازي" ١٣/ ٢٠.
(٢) انظر: "الفريد" ٢/ ١٦٤، "الدر المصون" ٤/ ٦٦٩.
(٣) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٥٦، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٥٨، وأخرج الطبري في "تفسيره" ٧/ ٢١٩، وابن أبي حاتم ٤/ ١٣٠٨ بسند ضعيف من طريق العوفي، عن ابن عباس قال: (يقول: إذا أضل الرجل الطريق دعا الله: {لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
(٤) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٥٩.
(٥) البيت لعمرو بن شأس الأسدي شاعر مخضرم، في "الكتاب" ١/ ٤٧، وبلا نسبة في "معاني النحاس" ٢/ ٤٤٠، و"الكشاف" ١/ ٤٠٤، والقرطبي ٧/ ٨، و"البحر" ٤/ ١٢٢، ورواية الأكثر: أَشْنَعَا: مكان مظلم، ويروى: أشهب، وانظر: "المعاني الكبير" ٢/ ٩٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>