للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يكون الصور قرنًا، كما أنكروا (١) العرش والميزان والصراط، وادعوا أن الصور جمع الصورة كما أن الصوف جمع الصوفة والثوم جمع الثومة، ورووا ذلك عن أبي عبيدة، قال أبو الهيثم: وهذا خطأ فاحش وتحريف لكلم الله عن مواضعه؛ لأن الله قال: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر: ٦٤] وقال: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} [الكهف: ٩٩] فمن قرأها (٢): {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} وقرأ (٣): {فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} فقد افترى الكذب وبدل كتاب الله، وكان أبو عبيدة صاحب أخبارٍ وغريب ولم يكن له معرفة بالنحو.

قال الفراء (٤): كل جمع على لفظ الواحد المذكر سبق جمعه واحدته فواحده بزيادة هاء فيه، وذلك مثل الصوف والوبر والشعر والقطن والعشب، فكل واحد من هذه الأسماء اسم لجميع جنسه، فإذا أفردت واحدته (٥) زيدت فيها هاء؛ لأن جمع هذا الباب سبق واحدته، ولو أن الصوفة كانت سابقة للصوف لقالوا: صوفَةٌ وصُوَف وبُسْره وبُسَر كما قالوا:


(١) جاء عند القرطبي ٧/ ٢٠ عن أبي الهيثم قال: (من أنكر أن يكون الصور قرنًا فهو كمن ينكر العرش والميزان والصراط وطلب لها تأويلات) اهـ، وهذا الكلام عن أبي الهيثم فيه مبالغة ونظر، خاصة وأن إمام الحفاظ قد ارتضاه في "صحيحه". قال السمين في "الدر" ٤/ ٦٩٤: (ولا ينبغي أن ينسب ذلك إلى هذه الغاية التي ذكرها أبو الهيثم) اهـ.
(٢) يعني بفتح الواو، وهي قراءة الحسن، ومعاذ القارئ، وأبي مجلز وأبي المتوكل، وحكاها عمرو بن عبيد عن عياض، وقراءة الجمهور بسكونها. انظر: "معاني النحاس" ٢/ ٤٤٨، و"مختصر الشواذ" ص ٣٨، و"زاد المسير" ٣/ ٦٩.
(٣) يعني بسكون الواو: صُورَكم.
(٤) انظر: "المذكر والمؤنث" للفراء ص ٦٩، ١٠١، و"المذكر والمؤنث" لابن التستري ص ٥٢، و"الإغفال" لأبي علي الفارسي ص ١١١٣.
(٥) في (ش): (واحد) , وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>