للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويدل على هذا قوله تعالى إخباراً عن قوم موسى {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَالَ كَلَّا} [الشعراء:٦١ - ٦٢] وكان قوم فرعون قد رأوا قوم موسى ولم يدركوهم، [و] (١) الدليل على ذلك قوله تعالى {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ} [الشعراء: ٦١] أي: رأى أحدهما الآخر، وكان الله تعالى قد (٢) وعد موسى أنهم لا يدركونه بقوله تعالى: {لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى} [طه: ٧٧].

وقولهم: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء:٦١] يريدون أنهم قد قربوا من إدراكهم إياهم، ألا ترى أن موسى نفى ذلك بقوله: (كلّا)، وهذا مذهب جماعة من المفسرين (٣) قالوا: [معنى] (٤) الإدراك: الإحاطة بكنه الشيء وحقيقته، فالأبصار ترى الباري ولا تحيط به، كما أن القلوب تعرفه ولا تحيط به، قال الله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: ١١٠] قال سعيد بن المسيب في تفسير قوله تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}: (لا تحيط به الأبصار) (٥).

وقال ابن عباس في رواية عطاء: (كلت (٦) أبصار المخلوقين عن


(١) لفظ: الواو ساقط من (أ).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ٧/ ٢٩٩ وما بعدها، والبغوي ٣/ ١٧٤.
(٣) قال شيخ الإسلام في "الفتاوى" ١٧/ ١١١، في شرح الآية: (الإدراك عند السلف والأكثرين: هو الإحاطة، وقال طائفة: هو الرؤية، وهو ضعيف؛ لأن نفي الرؤية عنه لا مدح فيه ..) ا. هـ، وانظر: "الفتاوى" ١٦/ ٨٧ - ٨٩.
(٤) في (أ): (معنا).
(٥) ذكره الثعلبي في "الكشف" ١٨٢ أ، والواحدي في "الوسيط" ١/ ٩٣، والبغوي ٣/ ١٧٤، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٩٨.
(٦) كلت: يقال: كل بصره، بفتح الكاف، أي: ثقل. انظر: "اللسان" ٧/ ٣٩١٨ مادة (كلل).

<<  <  ج: ص:  >  >>