للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإحاطة به) (١)، وقال الزجاج: (معنى إدراك الشيء: الإحاطة بحقيقته، وقد ينظر الرجل إلى الشيء ولا يدركه)، ثم احتج على أن معنى الإدراك هاهنا الإحاطة بقوله تعالى: {وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام: ١٠٣] فقال: (أعلم الله تعالى أنه يدرك الأبصار، وفي هذا الإعلام دليل أن خلقه لا يدركون الأبصار، أي ة لا [يعرفون] (٢) [كيف] (٣) حقيقة البصر، وما الشيء الذي صار به الإنسان يبصر من عينيه دون أن يبصر من غيرهما من سائر أعضائه، فأعلم جل وعز أن خلقاً من خلقه لا يدرك المخلوقون كنهه ولا يحيطون بعلمه، فكيف به جل وعز والأبصار لا تحيط به) (٤)، قال أصحابنا فعلى هذا نقول: الباري يُرى ولا يُدرك؛ لأن معنى الإدراك هو: الإحاطة بالرؤية بالمرئي، وإنما يجوز ذلك على من كان محدوداً وله جهات، والقديم (٥) الذي لا نهاية لوجوده يُرى ولكن لا يُدرك، وعلى هذا القول فاقد قلنا بظاهر الآية.


(١) ذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٩٣، وذكره الثعلبي في "الكشف" ١٨٢ أ، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ١٧٤ عن عطاء من قوله، وأخرج الطبري في "تفسيره" ٧/ ٢٩٩ بسند ضعيف عن ابن عباس قال: (لا يحيط بصر أحد بالملك) ا. هـ.
(٢) في (أ): (أي: لا يدركون).
(٣) في (ش): (عنه).
(٤) انظر: "معاني الزجاج" ٢/ ٢٧٨، وفيه: (فأما ما جاء من الأخبار في الرؤية وصح عن رسول الله فغير مدفوع، وليس في هذه دليل على دفعه؛ لأن معنى هذه الآية معنى إدراك الشيء والإحاطة بحقيقته، وهذا مذهب أهل السنة والعلم والحديث) ا. هـ. وانظر: "معاني النحاس" ٢/ ٤٤٦ - ٤٦٧.
(٥) أسماء الله توقيفية، ولفظ القديم لا يرتضي السلف تسمية الله تعالى به؛ لعدم ورود النص به، لكن يصح الإخبار به عن الله تعالى، لأن باب الإخبار والصفات أوسع من باب الإنشاء والأسماء، والله أعلم. انظر: "منهاج السنة" ٢/ ١٢٣ - ١٣١, =

<<  <  ج: ص:  >  >>