للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو علي: (يجوز أن يكون لا في تأويل زائدة، وفي تأويل غير زائدة، كقول الشاعر (١):

أَبَى جُوده لا البُخْلَ واستَعْجَلَتْ بِهِ ... نَعَمْ مِنَ فَتًى لا يَمْنَعُ الجُودَ قاتِلهْ

ينشد: لا البخلِ ولا البخلَ، فمن نصب البخلَ جعلها زائدة كأنه قال: أبي جوده البخل، ومن قال: لا البخلِ أضاف لا إلى البخل. ومثل هذه الآية في أن لا فيها يجوز أن يكون زائدة ويجوز أن لا يكون قوله تعالى: {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} [الأنبياء: ٩٥]، (٢)، وسنذكر


= بأنها {إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠٩) وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}، وأشكلت قراءة الفتح على كثير بسبب أنهم ظنوا أن الآية بعدها جملة مبتدأة، وليس كذلك، لكنها داخلة في خبر أن، والمعنى: إذا كنتم لا تشعرون أنها إذا جاءت لا يؤمنون وأنا أفعل بهم هذا لم يكن قسمهم صدقًا بل قد يكون كذبًا، وهو ظاهر الكلام المعروف أنها أن المصدرية ولو كان (ونقلب) إلى آخره كلامًا مبتدأ لزم أن كل من جاءته آية قُلب فؤاده، وليس كذلك بل قد يؤمن كثير منهم، ومن فهم معنى الآية عرف خطأ من قال: أن (أن) بمعنى لعل واستشكل قراءة الفتح، بل يعلم حينئذ أنها أحسن من قراءة الكسر) ا. هـ وانظر: "تفسير ابن عطية" ٥/ ٣١٦، وابن كثير ٢/ ١٨٤.
(١) لم أعرف قائله، وهو في: "معاني الأخفش" ٢/ ٢٩٤، والطبري ٨/ ١٢٩، و"الأضداد" لابن الأنباري ص ٢١١، و"الإغفال" ص ٦٩٠، و"كتاب الشعر" ١/ ١١٧، و"الخصائص" ٢/ ٣٥، ٢٨٣، و"أمالي ابن الشجري" ٢/ ٥٣٧، ٥٤٢، وابن عطية ٥/ ٣١٦، و"اللسان" ٨/ ٤٤٨٥ مادة (نعم) و١٥/ ٤٦٦ (لا)، و"مغني اللبيب" ١/ ٢٤٨.
(٢) "الحجة" لأبي علي ٣/ ٣٨٠ - ٣٨١، وانظر: "معاني القراءات" ١/ ٣٧٩، و"إعراب القراءات" ١/ ١٦٧, و"الحجة" لابن خالويه ص ١٤٧، ولابن زنجلة ص ٢٦٥، و"الكشف" ١/ ٤٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>