للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا} معنى الجزاء (١)، ومعنى الآية: ونقلب أفئدتهم وأبصارهم عقوبة لهم على تركهم الإيمان في المرة الأولى، يعني: كما لم يؤمنوا أول مرة، فكذلك نقلب أفئدتهم وأبصارهم في المرة الثانية، وعلى هذا لا محذوف في الآية، وهو معنى قول ابن عباس (٢) والعوفي (٣) وهذه الآية حجة على القدرية الذين يكذبون بقضاء الكفر (٤).


(١) انظر: "تفسير ابن عطية" ٥/ ٣١٩، ونقل الرازي ٣/ ١٤٨، السمين في "الدر" ٥/ ١١١، هذا القول عن الواحدي، وقال ابن القيم في "بدائع التفسير" ٢/ ١٧٢: (اختلف في قوله: {كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}، فقال كثير من المفسرين المعنى: نحول بينهم وبين الإيمان لو جاءتهم الآية كما حلنا بينهم وبين الإيمان أول مرة. وقال آخرون: المعنى: ونقلب أفئدتهم وأبصارهم لتركهم الإيمان به أول مرة، فعاقبناهم بتقليب أفئدتهم وأبصارهم، وهذا معنى حسن، فإن كاف التشبيه تتضمن نوعًا من التعليل، كقوله {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص: ٧٧]، والذي حسن اجتماع التعليل والتشبيه الإعلام بأن الجزاء من جنس العمل في الخير والشر. والتقليب: تحويل الشيء عن وجه إلى وجه، وكان الواجب من مقتضى إنزال الآية وصولهم إليها كما سألوا أن يؤمنوا إذ جاءتهم لأنهم رأوها عيانًا وعرفوا أدلتها وتحققوا صدقها، فإذا لم يؤمنوا كان ذلك تقليبًا لقلوبهم وأبصارهم عن وجهها الذي ينبغي أن تكون عليه ..) ا. هـ ملخصًا، وقال أبو حيان في "البحر" ٤/ ٢٠٤: (الكاف في (كما) الظاهر أنها لتعليل، وهو واضح فيها وإن كان استعمالها فيه قليلاً. وقالت فرقة: هي بمعنى المجازاة، وهو معنى التعليل إلا أن تسمية ذلك غريبة لا يعهد في كلام النحويين أن الكاف للمجازاة) ا. هـ ملخصًا.
(٢) أخرجه الطبري ٧/ ٣١٥، وابن أبي حاتم ٤/ ١٣٧٠ بسند جيد، قال: (لو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم وبين الهدى كما حلنا بينهم وبينه أول مرة وهم في الدنيا) ا. هـ , وأخرجا بسند ضعيف عن ابن عباس قال: (لما جحد المشركون ما أنزل الله لم تثبت قلوبهم على شيء وردت عن كل أمر) ا. هـ.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) انظر: "تفسير الرازي" ١٣/ ١٤٦، ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>