للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اتفق الجن مع الإنس في باب التمييز، فلما ذكرا (١) معًا جاز مخاطبتهما بما ينصرف إلى واحد.

وهذا قول الفراء (٢)، والزجاج (٣) ومذهب أكثر أهل (٤) العلم، وعليه دل كلام ابن عباس؛ لأنه قال: (يريد: أنبياء من جنسكم ولم يكن من جنس الجن أنبياء (٥) وإذا لم يكن من الجن أنبياء (٦) ورسل، فكيف قال لهم مع الإنس: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ}؟ قال الكلبي: (كانت الرسل يبعثون إلى الجن والإنس) (٧)، فعلى هذا قد بعث الرسل إلى الجن، ولكن لم تكن (٨) الرسل من الجن، وتأويل (منكم) ما ذكرنا.

وقال آخرون: (الرسل كانت من الإنس، ولكن الله تعالى كان يسبّب قومًا من الجن ليسمعوا كلام الرسل، ويأتوا قومهم من الجن بما سمعوا وينذرونهم، كما قال الله تعالى لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} [الأحقاف: ٢٩] وهذا مذهب مجاهد قال: (الرسل من الإنس والنذر


(١) في (ش): (فلما ذكر معًا)، وهو تحريف.
(٢) "معاني الفراء" ١/ ٣٥٤، وانظر: "معاني النحاس" ٢/ ٤٩٢.
(٣) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٩٢، وكلام الواحدي أقرب إلى نص الزجاج.
(٤) ذكر الخازن في "تفسيره" ٢/ ١٨٤: (أن هذا مذهب جمهور أهل العلم). وانظر: "تفسير الطبري" ١٢/ ١٢، والماوردي ٢/ ١٧٠، وذكره عن الواحدي الرازي في "تفسيره" ١٣/ ١٩٥.
(٥) ذكره الخازن في "تفسيره" ٢/ ١٨٤ عن الواحدي عن ابن عباس.
(٦) لفظ: (أنبياء) ساقط من (أ).
(٧) "تنوير المقباس" ٢/ ٦١، وذكره الثعلبي في "الكشف" ١٨٤ أ، والبغوي في "تفسيره" ٣/ ١٩٠.
(٨) في (ش): (لم يكن).

<<  <  ج: ص:  >  >>