للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القرب إذا لم يكن في النسب كان في معنى المكان، فكأنه في تأويل هي: في مكان قريب، فجعل القريب خلفًا من المكان، كما قال الله (١) تعالى: {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: ٨٣] وقال: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [الأحزاب: ٦٣]، ولو أنث ذلك فبُني على بعدت فهي بعيدة، وقربت فهي قريبة، كان صوابًا حسنًا. وقال عروة بن حزام (٢):

عَشِيَّةَ لا عَفْرَاءُ مِنْكَ قَرِيبَةٌ ... فَتدْنُو ولا عَفْرَاءُ مِنْكَ بَعِيدُ (٣)

فمن أنَّث جمع وثنى، ومن ذكر لم يُثنِّ ولم يجمع؛ لأنه ذهب إلى تأويل المكان) (٤)، وهذا الذي ذكره الفراء هو مذهب أهل الكوفة، وبه قال ابن السكيت.

أخبرني العروضي (٥)، قال: أخبرني الأزهري عن المنذري (٦) عن الحراني (٧) عن ابن السكيت قال: (تقول العرب: هو قريب مني، وهما


(١) لفظ: (الله) ساقط من (ب).
(٢) عُروة بن حِزام بن مُهاجر العُذْرى، شاعر إسلامي أحد المتيمين الذين قتلهم الهوى، وعامة شعره في بنت عمه عفراء، توفي سنة ٣٠ هـ. انظر: "الشعر والشعراء" ص ٤١٣، و"الأغاني" ٢٤/ ١٢٢، و"شرح شواهد المغني" للسيوطي ١/ ٤١٥، و"الأعلام" ٤/ ٢٢٦.
(٣) الشاهد في "ديوانه" ص ٥، و"معاني الفراء" ١/ ٣٨١، و"تفسير الطبري" ٨/ ٢٠٨، و"الأغاني" ٢٤/ ١٢٩، و"تهذيب اللغة" ٣/ ٢٩١٦، و"الخصائص" ٢/ ٤١٢، و"تفسير الماوردي" ٢/ ٢٣٢، وابن عطية ٥/ ٥٣٤، وابن الجوزي ٣/ ٢١٦، و"اللسان" ٦/ ٣٥٦٦ (قرب)، و"البحر المحيط" ٤/ ٣١٣، و"الدر المصون" ٥/ ٣٤٦.
(٤) "معاني الفراء" ١/ ٣٨١.
(٥) العروضي: هو أحمد بن محمد الصفار. تقدمت ترجمته.
(٦) المنذري: هو محمد بن أبي جعفر الهروي. تقدمت ترجمته.
(٧) الحراني: هو عبد الله بن الحسن الأموي. تقدمت ترجمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>