للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

موضعهما بعد الفعل لقيل: (نعبدك ونستعينك) فلما كان كل واحد من الفعلين يقع على (الكاف) (١) في تأخرها وقع على (إياك) في تقدمه (٢). والقول هو الأول (٣)؛ لأن العرب إذا جمعت فعلين واقعين اكتفت بوقوع أحدهما من وقوع الآخر، فيقولون: قد أكرمتك وألطفت (٤). قال الله تعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: ٣] أراد (وما قلاك) فاكتفى بوقوع الأول من وقوع الثاني (٥).

ويقال: لم قدم ذكر العبادة على المعونة، وإنما المعونة بها تكون العبادة؟

والجواب: أن الواو عند النحويين لا توجب ترتيبا (٦)، وإنما هي للجمع (٧)، يدل على ذلك أنه لو اتفقت الأسماء لم


(١) في (ج): (الكائن).
(٢) ذكر نحوه ابن جرير ١/ ٧١. قال أبو حيان: كرر (إياك) ليكون كل من العبادة والاستعانة سيقا في جملتين، وكل منهما مقصودة، وللتنصيص على طلب العون منه ...)، "البحر المحيط" ١/ ٢٥. وقال أبو السعود: (تكرير الضمير المنصوب للتنصيص على تخصيصه تعالى بكل واحدة من العبادة والاستعانة)، أبو السعود ١/ ١٧، وانظر ابن كثير ١/ ٢٨.
(٣) أي كرر للتوكيد، واختار ابن جرير الثاني ١/ ٧١.
(٤) قال ابن جرير: إن الأفصح إعادة الضمير مع كل فعل اتصل به، فيقال: (اللهم إنا نعبدك ونستعينك ونحمدك ونشكرك) .. وإن كان ترك الإعادة جائزا. انظر الطبري ١/ ٧١.
(٥) قال أبو حيان: حذف المفعول اختصارا في (قلى) إذ يعلم أنه ضمير المخاطب وهو الرسول - صلى الله عليه وسلم -. "البحر المحيط" ٨/ ٤٨٥، وقال الرازي في حذف الكاف وجوه:
١ - اكتفاء بالكاف في (ودعك)، ولأن رؤوس الآيات بالياء، فأوجب اتفاق الفواصل حذف الكاف.
٢ - الإطلاق، أنه ما قلاك، ولا أحدا من أصحابك، ولا أحدا ممن أحبك. الرازي ٣١/ ٢٠٩، وانظر القرطبي ٢٠/ ٩٤.
(٦) انظر: "الكتاب" ٣/ ٤٢، "سر صناعة الإعراب" ٢/ ٦٣٢.
(٧) وعليه فتقديم الخبر عن العبادة وتأخير مسألة طلب المعونة، ليس من باب الترتيب، واختار الطبري هذا قال: (.. كان سواء تقديم ما قدم منهما على صاحبه ... ثم قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>