للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ... لدينا ولا مقلية إن تقلت (١)

وقوله تعالى: {نَعْبُدُ} معنى العبادة: الطاعة مع الخضوع والتذلل، وهو جنس من الخضوع، لا يستحقه إلى الله عز وجل، وهو خضوع ليس فوقه خضوع، وسمي العبد عبدا لذلته وانقياده لمولاه، ويقال: طريق معبد، إذا كان مذللا موطوءا (٢) بالأقدام (٣)، وهو في شعر طرفة (٤).

وقوله تعالى: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قال أبو بكر: وإنما كرر (إياك) للتوكيد، كما تقول: بين زيد وبين عمرو خصومة، فتعيد (بين) (٥). قال: ولأن كل واحد من الفعلين يطلب مفعولا على حدته، ولو أخر المكنيان (٦) إلى


(١) من قصيدة لكثير في ذكر (عزة) قوله (مقلية) من القلي وهو البغض، (تقلت) تبغضت، ورد البيت في "الشعر والشعراء" ص ٣٤٣، "ديوان كثير" ص ١٠١، نشر دار الثقافة بيروت، "أمالي ابن الشجري" ١/ ٤٩، ١١٨، "المحكم" ٣/ ١٤٤، "الخزانة" ٥/ ٢١٩.
(٢) في (ب): (بوطوا).
(٣) ذكر هذِه المعاني الثعلبي في "تفسيره الكشاف" ١/ ٢٩/ ب، وانظر الطبري ١/ ٦٩.
(٤) أراد أبيات طرفة التي ذكرها الثعلبي بعد الكلام السابق وهي:
قال طرفة:
تباري عتاقا ناجيات وأتبعت ... وظيفا وظيفا فوق مور معبد
وقوله:
إلى أن تحامتني العشيرة كلها ... وأفردت إفراد البعير المعبد
انظر الثعلبي ١/ ٢٩/ ب، والطبري ١/ ٦٩، "الأضداد" لابن الأنباري ص ٣٥.
(٥) ذكر نحوه الثعلبي ١/ ٢٩/ ب وذكره ابن جرير ثم رده قال: (وقد ظن من لم ينعم النظر أن إعادة (إياك) مع (نستعين) بعد تقدمها في قوله: {إياك نعبد} بمعنى قول عدي بن زيد:
وجاعل الشمس مصرًا لا خفاء به ... بين النهار وبين الليل قد فصلا
وذكر بيتا آخر .. ثم قال: وذلك من قائله جهل، من أجل أن حظ إياك أن تكون مكررة مع كل فعل .. الخ). الطبري ١/ ٧١.
(٦) يعني: الضميرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>