للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أهل المعاني: (بصحة عزيمة؛ لأنه لو أخذه بضعف نية لأداه إلى فتور العمل به) (١).

وقوله تعالى: {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا}. قال ابن عباس في رواية عطاء: (يريد: يحلّوا حلالها ويحرموا حرامها ويتدبروا أمثالها ويعملوا بمحكمها، ويقفوا عند متشابهها) (٢).

وذكر أبو إسحاق في هذا وجهين: (أحدهما: أنهم أُمروا بالخير ونهوا عن الشرّ، وعرّفوا ما لهم في ذلك، فقيل: {وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا}.

قال: ويجوز أن يكون ما أمرنا به؛ من الانتصار بعد الظلم، ونحو القصاص في الجروح؛ فهذا كله حسن، والعفو أحسن من القصاص، والصبر أحسن من الانتصار، ونظير هذه الآية قوله: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [الزمر: ٥٥]، وقوله: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} (٣) [الزمر: ١٨].

وقال قُطرب (٤): {يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا}، أي: بحسنها وكلها حسن؛ كقوله: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: ٤٥]).

وقول الفرزدق:


(١) ذكره البغوي ٣/ ٢٨١، والخازن ٢/ ٢٨٨.
(٢) ذكره الواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٤٠، والبغوي ٣/ ٢٨١، والخازن ٢/ ٢٨٨، وأخرج الطبري ٩/ ٥٨ بسند ضعيف عن ابن عباس قال: (أمر موسى أن يأخذها بأشد مما أمر به قومه) اهـ.
(٣) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٧٥، ونحوه الأزهري في "تهذيب اللغة" ١/ ٨٢٣ (حسن).
(٤) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١٩٧ ب، والواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٤٠، والبغوي ٣/ ٢٨١، وابن الجوزي ٣/ ٢٥٩، والرازي ١٤/ ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>