للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعظه) (١)، فهذا قول المفسرين في تفسير هذا المثل، ويحتاج إلى الشرح حتى يتبين وجه التمثيل بين هذا الكافر وبين الكلب، وهو أن يقال: أراد أن هذا الكافر إن زجرته لم ينزجر، وإن تركته لم يهتد، فالحالتان عنده سواء كحالتي الكلب؛ فإنه إن طرد وحمل عليه بالطرد كان لاهثًا، وإن ترك وربض كان أيضًا لاهثًا، فهو [في الحالتين لاهث كهذا الكافر] (٢) في الحالتين ضال، وذلك أن بلعام زُجر ونهي عن الدعاء على موسى في ينزجر ولم ينتفع بالزجر، يبين هذا ما قاله أبو إسحاق قال: (ضرب الله تعالى للتارك لآياته والعادل عنها أحسن (٣) شيء في أخس أحواله مثلًا فقال: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ}، إذا كان الكلب لهثان؛ لأن التمثيل به على أنه على كل حال حملت عليه أو لم تحمل، فمعناه: فمثله كمثل الكلب لاهثًا) (٤).

فقد بين أبو إسحاق أنه مثل بالكلب إذا كان لاهثًا، واللهث في الكلاب طباع، وقد كشف ابن قتيبة عن هذا المعنى فقال: (كل شيء يَلهثُ


(١) أخرجه الطبري ٩/ ١٢٩، بسند جيد عن معمر عن بعضهم، وذكره الثعلبي ٦/ ٢٤ أ، وقال الشيخ أحمد شاكر في "حاشية الطبري": (كأنه يعني بقوله عن بعضهم الكلبي ولذلك نكّره) اهـ.
وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" ١/ ٢/ ٢٤٤، عن معمر عن الكلبي، وذكره هود الهواري ٢/ ٦٠ عن الكلبي.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب).
(٣) في (أ): (أخس شيء في أخس أحواله)، وفي (ب): (أحسن شيء في أحسن أحواله) وعند الزجاج في "معانيه" ٢/ ٣٩١: (أحسن مثل في أخس أحواله).
(٤) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٩١، ونحوه قال النحاس في "معانيه" ٣/ ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>