للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الضحاك: (كلما جددوا لنا معصية جددنا لهم نعمة) (١).

وقال الأزهري: (قيل في قوله تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ}: سنأخذهم قليلاً من حيث لا يحتسبونه، وذلك أنه جل وعز يفتح عليهم من النعيم ما يغتبطون به ويركنون إليه أنسًا به (٢)، ثم يأخذهم علي غرّتهم أغفلَ ما يكونون (٣)، ولهذا قال عمر (٤) -رضي الله عنه- لما حُمل إليه كنوز كسرى: "اللهم إني أعوذ بك أن أكون مستدرجًا؛ فإني أسمعك تقول: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} ") (٥).

وقال عبد الله بن مسلم: (الاستدراج أن يُدنيهم من بأسه قليلاً، ومنه يقال: درجت فلانًا إلى كذا، واستدرج فلانًا حتى تعرف ما عنده، يراد: لا تجاهره ولا تهجم عليه بالسؤال، ولكن استخرج ما عنده قليلاً قليلاً، قال: وأصل هذا من الدرجة، وذلك أن الراقي فيها والنازل منها ينزل مِرْقاة مرقاة، فاستعير (٦) هذا منها) (٧). والاية وعيد للمكذب بآيات الله عز وجل بأنه يستدرجه إلى العذاب من حيث لا يعلم ما إليه يصير (٨).


(١) ذكره الثعلبي ٦/ ٢٦ ب، والواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٧٧، والبغوي ٣/ ٣٠٨، وابن الجوزي ٣/ ٢٩٥، والقرطبي ٧/ ٣٢٩، والخازن ٢/ ٣٢٠، وقال السجستاني في "نزهة القلوب" ص ٢٦٤ عند شرح كلمة {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ}: (جاء في التفسير كلما جددوا خطيئة جددنا لهم نعمة وأنسيانهم الاستغفار) اهـ.
(٢) في (ب): (أنسيأبهم)، وهو تحريف.
(٣) في (ب): (ما يكون)، وهو تحريف.
(٤) ذكره الرازي ١٥/ ٧٣، والخازن ٢/ ٣٢٠، ولم أقف على إسناده بعد طول بحث.
(٥) "تهذيب اللغة" ٢/ ١١٦٨ - ١١٦٩ (درج).
(٦) في (ب): (واستعير).
(٧) "تأويل مشكل القرآن" ص ١٦٦.
(٨) انظر: "إعراب النحاس" ١/ ٦٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>