للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مقاتل: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ} لا شك في إيمانهم كشك المنافقين (١)، وقال أهل المعاني: أولئك الذين أخلصوا الإيمان لا كمن كان له اسمه على ظاهر الحال وهم عن ذلك بمعزل لما يشوبه من الفساد (٢).

فأما وجه انتصاب قوله (حقًّا) فمذهب الفراء فيه أنه انتصب على معنى أخبركم بذلك حقًا (٣)، أي: إخبارًا حقًا، وهذا كما ذكرنا في قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [النساء: ١٥١]، فعنده أن هذا نصب من نية الخبر، ومذهب سيبويه وأصحابه أنه مصدر مؤكد لفعل محذوف دل عليه الكلام (٤)، قال المبرد: (حقوا حقًّا) (٥)، ومعنى حقوا حقًا أي: أتوا ما وصفوا به وفعلوه حقًّا صدقًا، من قول العرب: حققته حذره وأحققته أي: فعلت ما كان يحذر (٦)، وقال الزجاج: (حقًا) منصوب بمعنى دلت (٧) عليه الجملة وهي قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} أي: أحق ذلك حقًّا (٨).


(١) "تفسير مقاتل" ١١٨ أ.
(٢) ذكر معنى ذلك ابن جرير في "تفسيره" ٩/ ١٨٠ ولم أجد من ذكره من أصحاب المعاني كأبي عبيدة والفراء والأخفش والزجاج والنحاس والأزهري.
(٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ١/ ١٥٤.
(٤) انظر: "كتاب سيبويه" ١/ ٣٨٣.
(٥) قال المبرد في "المقتضب" ٣/ ٢٦٦: هذا باب ما وقع من المصادر توكيدًا، وذلك قولك: هذا زيد حقًّا؛ لأنك لما قلت: هذا زيد، فخبرت، إنما خبرت بما هو عندك حق، فاستغنيت عن قولك: أحق ذلك، وكذلك: هذا زيد الحق لا الباطل؛ لأن ما قبله صار بدلاً من الفعل.
(٦) انظر: "مجمل اللغة" لابن فارس (حقق) ١/ ٢١٦.
(٧) في (ح) و (س): (دل)، وما أثبته من (م) وهو موافق للمصدر التالي.
(٨) انظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٠١ وقد تصرف الواحدي في عبارة الزجاج.

<<  <  ج: ص:  >  >>