للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مجادلتهم في الأنفال وتشبيه تلك القصة بإخراج الله إياه على كره منهم يدل على كراهتهم، ثم قال: ومن تتبع هذا من كلام العرب وأشعارهم وجده، قال الشاعر (١):

فلا تدفنوني إن دفني محرم ... عليكم ولكن خامري أم عامر

يريد: لا تدفنوني ولكن (٢) دعوني للتي إذا صيدت يقال لها: خامري أم عامر (٣)، يعني الضبع لتأكلني، فحذف وأبقى من الكلام ما يدل على المحذوف (٤).

وقال بعضهم: (الكاف) متعلق بما بعده وهو قوله: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ} وهذا يحكي عن الكسائي (٥) وهو معنى قول مجاهد (٦)، يقول: كما أخرجك ربك من بيتك بالحق على كره فريق من المؤمنين كذلك هم


(١) هو: عمرو بن مالك الشنفرى -وهو شاعر جاهلي واحد الخلعاء الذين تبرأت منهم عشائرهم- وقد وقع في الأسر فأنشد هذا البيت مع أبيات. انظر: "طبقات الشعراء" ص ٣١، و"الحماسة بشرح التبريزي" ٣/ ٦٣، و"الأغاني" ٢١/ ١٣٦.
(٢) كرر ناسخ (ح) بعد (لكن) الشطر الثاني من البيت.
(٣) خامري: أي استتري، وأم عامر: الضبع، وهو مثل يضرب للأحمق، والعرب تقول: إن الضبع من أحمق الدواب وهي تصدق ما يقال لها، فلا يزال الصائد يروضها بكلمات حتى يوثق يديها ورجليها، ثم يسحبها , ولو شاءت أن تقتله لأمكنها. انظر: "فضل المقال في شرح كتاب الأمثال" ص ١٨٧، و"مجمع الأمثال" ١/ ٣٣٢.
(٤) "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٢١ باختصار.
(٥) ذكر ذلك عنه النحاس في "معاني القرآن" ٣/ ١٣١، وابن عطية في "المحرر الوجيز" ٦/ ٢٢٠، ٢٢٢، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٣/ ٣٢٢.
(٦) روى ابن جرير ٩/ ١٨١ عن مجاهد قال: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ}، كذلك يجادلونك في الحق: القتال، اهـ. وقد بين ابن جرير معناه بمثل ما ذكر المصنف، ورواه الثعلبي في "تفسيره" ٦/ ٣٩ ب بلفظ المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>