للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على الكراهة] (١).

وقال أبو عبيدة: الكاف بمعنى حرف القسم، و (ما) بمعنى (الذي) والتقدير: والذي أخرجك من بيتك بالحق يجادلونك.

قال أبو بكر (٢): وهذا بعيد؛ لأن (الكاف) ليست من حروف الأقسام (٣)، وأما التفسير فقوله: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ} أي أمرك بالخروج من المدينة ودعاك إليه {مِنْ بَيْتِكَ} يعني المدينة قاله مجاهد والحسن، وابن جريج، وعامة المفسرين (٤)، قالوا: إن الله تعالى أمر نبيه بالخروج من


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ح).
(٢) يعني الأنباري، انظر: "البحر المحيط" ٥/ ٤٦٠.
(٣) ذكر أبو حيان في "البحر المحيط" ٥/ ٤٥٩ - ٤٦٣، خمسة عشر قولًا في السبب الجالب لهذه الكاف في قوله: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ} ولم يرتض واحدًا منها بل رجح قولًا جديدًا لم يسبق إليه وهو أن الكاف ليست لمحض التشبيه بل فيها معنى التعليل وأن هناك حذفًا، والتقدير: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ} أي بسبب إظهار دينه وقد كرهوا خروجك تهيبًا للقتال، وجادلوك في الحق بعد وضوحه نصرك الله، وأمدك بملائكته. وفي هذا القول نظر من عدة أوجه:
أ- عدم اعتماده على المأثور عن السلف وهم أعلم بالتأويل.
ب- البعد بين هذه الآية -التي يرى أبو حيان أن فيها حذفًا- والآية التي يراها دليلًا على الحذف وهي قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} إذ يفصل بينهما ثلاث آيات.
ج- إن كراهتهم للخروج، وجدالهم لرسول الله لا يصلح علة للنصر، بل علة للفشل كما جاء في السورة نفسها الآية ٤٦: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}.
د- إن الأصل عدم التقدير.
عـ- إن أبا حيان اعتمد هذا القول بناءً على رؤيا منامية.
(٤) انظر: "تفسير ابن جرير" ٩/ ١٨٢، والثعلبي ٦/ ٣٩، وابن عطية ٦/ ٢٢٢، ونسبه لجمهور المفسرين، وذكر عن ابن بكير أن المعنى كما أخرجك ربك من مكة وقت الهجرة اهـ. وفيه نظر لا يخفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>