للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال: إنما كان ذلك يوم بدر خاصة، لم يكن لهم أن ينحازوا لأنه لم يكن يومئذ في الأرض مسلم ولا للمسلمين فِئَة، فأما بعد ذلك فإن المسلمين بعضهم لبعض فئة (١).

وقال ابن عباس: الآية عامة في كل من انهزم عن العدو (٢).


= الفرار من الزحف حرامًا على غير أهل بدر، وإن كان سبب نزول الآية فيهم اهـ. ويظهر للمتأمل لأقوال من يرى أن الآية خاصة في أهل بدر أنهم يعنون ما عناه أبو سعيد الخدري في قوله الذي ذكره الواحدي، فأهل بدر ليس لهم فئة يفيئون إليها كما قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض". رواه مسلم (١٧٧٣)، كتاب الجهاد، باب: الإمداد بالملائكة (١٧٦٣)، وما بقي في المدينة من المسلمين يومئذ أقل من أن يغزوا عدوًا أو يصدوا مهاجمًا.
وللعلماء قاعدة عظيمة في أصول التفسير وهي: أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ولذا قال ابن جرير ١٣/ ٤٤٠: نزلت في أهل بدر، وحكمها ثابت في جميع المؤمنين، ومما يؤكد ذلك ما رواه البخاري في "صحيحه" كتاب الوصايا، باب: قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى} الآية، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اجتنبوا السبع الموبقات"، وذكر منهن: التولي يوم الزحف.
(١) رواه بلفظ مقارب ابن جرير ١٣/ ٤٣٧، ورواه مختصرا أبو داود في "سننه" (٢٦٤٦) كتاب الجهاد، باب: في التولي يوم الزحف، وقال: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
(٢) هذا معنى أثر عن ابن عباس من رواية الوالبي، انظر: "تفسير ابن جرير" ٩/ ٢٠٣، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" ٢/ ٣٧٧، وانظر: صحيفة علي بن أبي طلحة ص ٢٣٩.
وقول ابن عباس هذا مقيد بقول الله تعالى: {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}. وبقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من فر من ثلاثة فلم يفر، ومن فر من اثين فقد فر". رواه الطبراني في "المعجم الكبير" ١١/ ٩٣ (١١١٥١)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٥/ ٣٢٨: رواه الطبراني ورجاله ثقات. اهـ. ورواه سعيد بن منصور في "سننه" ٥/ ٢٢٦ (١٠٠١) موقوفًا على ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>