للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مائة فليصابروا ليغلبوا المائتين كقوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: ٢٢٨]. ألا ترى أن المفسرين كلهم اتفقوا على أن قوله في الآية الأولى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} أمر لا خبر بدليل ورود النسخ عليه والنسخ لا يجوز وروده على الخبر (١)، وصاحب النظم قد أحسن في شرح هذا المشكل فقال: الخبر خبران: خبر ماض وخبر مؤتنف، والشرط بينهما موقوف؛ لأنه غير ماض ولا واجب، وإنما هو شيء منتظر، وربما أظهرت العرب الشرط والجزاء على صورة الخبر (٢) فيغلط فيه الناقد البصير فكيف من دونه وقد جاء الجزاء دون الشرط على سورة الخبر ومعناه، نحو قول القطامي:

والناس من يلق خيرًا قائلون له ... ما يشتهي ولأم المخطىء الهبل (٣)

فقوله: من يلق خيرًا شرط ومعناه الخبر؛ لأن معناه: من لقي خيرًا قالوا له ما يشتهي، وتأويل الآية: إن يصبر منكم عشرون لمائتين من المشركين يغلبوهم، فهو شرط محض وجزاء خالص، والشرط غير واجب فكيف يكون خبرًا؟ والخبر واجب إما ماضيًا وإما منتظرًا وهذا شيء وعده المؤمنين (٤) بما شرط إذا فعلوه.

فإن قيل: فقد كان يجب على العشرين أن يصابروا المائتين كما يجب الآن على المائة أن يصابروا المائتين والشرط غير (٥) واجب.


(١) انظر: "تفسير ابن جرير" ١٠/ ٤١، والثعلبي ٦/ ٧٠ ب، والبغوي ٣/ ٣٧٥، والسمرقندي ٢/ ٢٥.
(٢) في (ج): (خبر).
(٣) البيت في "ديوانه" ص ٢٥، ونسبه إليه أيضًا ابن قتيبة في كتاب "المعاني الكبير" ٣/ ١٢٦٦.
(٤) في (م) و (س): (للمؤمنين).
(٥) ساقط من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>