للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال عبيدة: طلبوا الخيرتين (١) كلتيهما فقتل منهم يوم أحد (٢)، فعند ابن عباس وجميع المفسرين: نزلت الآية في فداء أسارى بدر، فادوهم بأربعة آلاف أربعة آلاف، فأنزل الله هذه الآية ينكر على نبيه ذلك، يقول: ما كان لنبي أن يحبس كافرًا قدر عليه من عبدة الأوثان للفداء أو للمنّ قبل الإثخان في الأرض، قال قتادة: كان هذا يوم بدر فاداهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأربعة آلاف أربعة آلاف، ولعمري ما كان أثخن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يومئذٍ، وكان أول قتال قاتل المشركين (٣).

قال صاحب النظم: (كان) يقع في الكلام في أحوال مختلفة:

منها أن يكون دلالة على المضي كقولك: كان زيد قائمًا، فمعناه كان فيما مضى.

ومنها أن يكون بمعنى وقع وحدث كقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠].


= {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩] إنه أمر تهديد لا تخيير، وأما قوله: أم يؤثرون الأعراض العاجلة من قبول الفدية، فلما اختاروه عوتبوا بقوله: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ} الآية، فلا يخفى ما فيه من الجرأة العظيمة، والجناية الجسيمة، فإنهم ما اختاروا الفدية إلا للتقوية على الكفار، وللشفقة على الرحم، ولرجاء أنهم يؤمنون، أو في أصلابهم من يؤمن، ولا شك أن هذا وقع منهم اجتهادًا وافق رأيه - صلى الله عليه وسلم - غايته أن اجتهاد عمر وقع أصوب عنده تعالى، فيكون من موافقات عمر -رضي الله عنه-. وانظر: قول الطيبي في شرحه "مشكاة المصابيح" ٨/ ١٩.
(١) يعني: الغنيمة والشهادة.
(٢) رواه بنحوه ابن جرير ١٠/ ٤٦، والثعلبي ٦/ ٧٢ ب.
(٣) رواه الثعلبي ٦/ ٧١ ب، وبنحوه ابن جرير ١٠/ ٤٥، ومختصراً ابن المنذر كما في "الدر المنثور" ٣/ ٣٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>