للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذكر أهل المعاني في قوله: {عَنْ يَدٍ} أقوالاً:- روى أبو عبيد عن أبي عبيدة قال: "كل من انطاع (١) لمن قهره فأعطى عن غير طيبة نفس فقد أعطى عن يد" (٢)، ومعنى هذا أنه أعطى عن ذل واستسلام كما يقال: أعطى فلان بيده: إذا ذل واعترف بالانقياد، ودل على هذا قوله: {وَهُمْ صَاغِرُونَ}، قال القتيبي: "يقال أعطاه عن يد، وعن ظهر يد: إذا أعطاه مبتدئًا غير مكافيء" (٣)، وهذا بالعكس أولى؛ فإنهم يبذلون الجزية دفعًا عن رقابهم ومكافأة للمسلمين بإقرارهم على دينهم، ولكن المعنى ههنا "عن يد" أي عن غير مكافأة [منكم إياهم] (٤) بما أعطوا من المال (٥)، وذكر أبو إسحاق فيه أوجهًا (٦):

أحدها (٧): {عَنْ يَدٍ} أي عن ذلٍ واعترافٍ للمسلمين بأن أيديهم فوق أيديهم.

والثاني: {عَنْ يَدٍ} عن قهر وذلٍ، كما تقول اليد في هذا لفلان أي: الأمر النافذ لفلان (٨).


(١) في (م): (أطاع).
(٢) اهـ. كلام أبي عبيدة، انظر: "مجاز القرآن" ١/ ٢٥٦.
(٣) اهـ. كلام القتيبي، انظر: "تفسير غريب القرآن" ص ١٨٤.
(٤) في (ح): (ومنكم أتاهم)، وهو خطأ.
(٥) ابن قتيبة ينفي مكافأة أهل الذمة للمسلمين، بل يدفعون الجزية بلا مقابل، والمؤلف ينفي مكافأة المسلمين لهم، فهم إذا دفعوا الجزية لا يرد المسلمون مكافأة لها.
(٦) في (ي): (وجهًا).
(٧) في (ى): (آخر).
(٨) ساقط من (ى).

<<  <  ج: ص:  >  >>