للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على الإمام تقريرهم في بلاد الإسلام، إلا أن يخاف فتنة، فالمصلحة مفوضة إلى اجتهاده، فإن قبل الواحد منهم أربعة دنانير ثم بدا له وأراد أن يقر في بلاد الإسلام بدينار واحد لم يكن له إلى ذلك سبيل، فإن نقض العهد كلفناه (١) الخروج إلى دار الحرب، فإن قبل بعد النقض دينارا واحدا لزمنا (٢) تقريره (٣)، قال المفسرون: "وإنما أقر هؤلاء على دينهم بأخذ الجزية حرمة لآبائهم الذين انقرضوا على الحق من شريعة التوراة والإنجيل؛ ولأن في أيديهم كتابهم فربما يتفكرون وينظرون فيعرفون صدق محمد - صلى الله عليه وسلم - ونبوته، فأمهلوا لهذا المعنى" (٤).

ومصرف الجزية مصرف الفيء ولا يجوز صرف شيء منها إلى مصرف الصدقات (٥).


(١) في (ح): (كلفنا).
(٢) في (ى): (ألزمناه).
(٣) انظر: كتاب "الأم" ٤/ ٢٦٧، وهذا بناء على أن الاختيار في الابتداء إليهم، وناقض العهد يعتبر مبتدئًا.
(٤) انظر: "لباب التأويل في معاني التنزيل" ٢/ ٢١٥، و"تفسير الرازي" ١٦/ ٣٢.
(٥) قال أبو إسحاق الشيرازي في "المهذب في فقه الإمام الشافعي" ٢/ ٢٤٨، ٢٤٩: "اختلف قول الشافعي -رضي الله عنه- فيما يحصل من مال الفيء بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال في أحد القولين: يصرف في المصالح؛ لأنه مال راتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصرف بعد موته في المصالح كخمس الخمس، فعلى هذا يبدأ بالأهم، وهو سد الثغور، وأرزاق المقاتلة، ثم الأهم فالأهم، وقال في القول الثاني: هو للمقاتلة ... ولا يعطى من الفيء صبي ولا مجنون ولا عبد ولا امرأة ولا ضعيف لا يقدر على القتال؛ لأن الفيء للمجاهدين".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "اتفق العلماء على أن يصرف منه -يعني الفيء- أرزاق الجند المقاتلين، الذين يقاتلون الكفار، فإن تقويتهم تذل الكفار، فيؤخذ منهم الفيء، وتنازعوا هل يصرف في سائر مصالح المسلمين، أم تختص به =

<<  <  ج: ص:  >  >>