للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-وسئل عن هذه الآية-، فقال: "من كنزها فلم يؤد زكاتها فويل له، وما أبالي لو كان لي مثل أحد ذهبًا أعلم عدده أزكيه وأعمل بطاعة الله فيه" (١)، فعلى هذا من كان له دراهم أو دنانير فدفنها تحت الأرض وهو (٢) يؤدي زكاتها فهو بمعزل عن (٣) الوعيد المذكور في هذه الآية، ولا يطلق اسم الكنز بالشرع على ذلك المال (٤)، وإن كان له مال فوق الأرض وهو لا يؤدي زكاته فذلك المال بالشرع يسمى (٥) كنزًا، ولحقه الوعيد.

وقوله تعالى: {وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، قال الفراء والزجاج: "إن شئت جعلت الكناية (٦) راجعة إلى مدلول عليه، وهو الكنوز كأنه قال: ولا


(١) رواه ابن ماجه (١٧٨٧)، كتاب الزكاة، باب ما أدي زكاته فليس بكنز، والبيهقي في "السنن الكبرى"، باب تفسير الكنز .. رقم (٧٢٢٩) ٤/ ١٣٩، ورواه البخاري (١٤٠٤) مختصرًا، كتاب الزكاة، باب ما أدي زكاته فليس بكنز.
(٢) من (م).
(٣) في (ى): (من).
(٤) ومما يؤيد ذلك ما يأتي:
أ- أن الله تعالى شرع الوصية والمواريث، ولو كان انفاق جميع المال واجبًا لما كان لمشروعية ذلك فائدة.
ب- نهي النبي -صلى الله عليه وسلم- سعدًا أن يتصدق بجميع ماله، بل وأن يتصدق بأكثر من الثلث وذلك في مرضه الذي غلب على ظنه موته فيه، ثم تعليل النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك بقوله: " .. فالثلث والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم" رواه البخاري في "صحيحه"، كتاب الوصايا، باب أن يترك ورثته أغنياء خير .. ٤/ ٤٧، وهذا الحديث كان بعد فتح مكة كما جاء في أوله، فهو مبين ما استقر عليه الإسلام.
(٥) في (م): (يسمى بالشرع) ... إ الخ.
(٦) يقصد الضمير في قوله تعالى: {وَلَا يُنْفِقُونَهَا} بالإفراد، وهو يعود إلى الذهب والفضة، وكان الظاهر أن يقول: ولا ينفقونهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>