للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: {وَفِي الرِّقَابِ} إلى آخر الآية (١) فجاء هذا بنظم غير ذلك النظم، فكأنه -عز وجل- أمر بأن يوضع ما يقدر لهم في المواضع التي بها استحقوا الصدقة دون أن يدفع إليهم فيصرفوه في غيره، فيجب أن يوضع في الرقاب بأن يؤدى عنهم، وكذلك: {وَالْغَارِمِينَ} ويصرف ما أوجب للسبيل وابنه إلى ما يحتاجون إليه من آلة ونفقة، دون دفعه إليهم، وإنما قلنا هذا على ظاهر النظم لأنه لم يجعله فصلين بنظمين مختلفين إلا وقد قصد به معنيين متغايرين.

وقوله تعالى: {وَالْغَارِمِينَ}، قال ابن عباس: (يريد أهل الدين) (٢)، وقال مجاهد (٣) وقتادة (٤) والزهري (٥): (الغارمون: الذين لزمهم الديون في غير معصية ولا إسراف).

قال الشافعي: (وهم صنفان: صنف أدانوا في مصلحتهم أو معروف أو غير معصية ثم عجزوا عن أداء ذلك في العرض والنقد، فيعطون في غرمهم، وصنف أدانوا في حمالات وصلاح ذات بين، ولهم عروض إن بيعت أضر بهم فيعطى هؤلاء وتوفر عروضهم (٦)، وذلك إذا كان دينهم في غير فسق ولا تبذير ولا معصية، فأما من أدان في معصية الله فلا أرى أن


(١) في (ى): (آخرها).
(٢) "تنوير المقباس" ١٩٦.
(٣) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"، كتاب: الزكاة، باب: ما قالوا في الغارمين منهم ٣/ ٢٠٧، وابن جرير ١٠/ ١٦٤، وابن أبي حاتم ٦/ ١٨٢٤.
(٤) رواه ابن جرير ١٠/ ١٦٤، والثعلبي ٦/ ١٢٠ ب.
(٥) رواه ابن أبي شيبة، وابن جرير في المصدرين السابقين، نفس الموضع.
(٦) "الأم" ٢/ ٩٧ بتصرف يسير واختصار، والكلام التالي ذكره الشافعي في كتاب "الأم" ٢/ ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>