للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومجاهد: يعني ما حرموا من الحرث والأنعام لآلهتهم من البحائر والسوائب (١)، وهو ما ذكر في سورة الأنعام في قوله: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ} [الأنعام: ١٣٦] الآية، وقوله تعالى: {قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} أي: في هذا التحريم والتحليل؛ وذلك أنهم كانوا يقولون: الله (٢) أمرنا بها. ثم قال: {أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} بمعنى: بل على الله تفترون، تقولون على الله الكذب.

قال أبو علي: (قل) في قوله: {قُلْ آللَّهُ} توكيد؛ لأن {أَرَأَيْتُمْ} بمعنى (٣) أخبروني، والاستفهام في قوله: في موضع المفعول الثاني [وإذا


(١) البحائر والسوائب: جمع بحيرة وسائبة، وهما مما حرم أهل الجاهلية على أنفسهم من أنعامهم، أما كيفية ذلك فقد اختلف فيه اختلافا كثيراً، فقال الزجاج: أثبت ما روينا في تفسير هذه الأسماء عن أهل اللغة، البحيرة: ناقة كانت إذا نتجت خمسة أبطن وكان آخرها ذكرًا بحروا أذنها -أي شقوها- وامتنعوا من ركوبها وذبحها، ولا تطرد عن ماء، ولا تمنع من مرعى، وإذا لقيها المعيي لم يركبها.
والسائبة: كان الرجل إذا نذر لقدوم من سفر أو برء من علة أو ما أشبه ذلك، قال: ناقتي هذه سائبة، فكانت كالبحيرة في أن لا يتفع بها، وأن لا تجلى عن ماء، ولا تمنع من مرعى. "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٢١٣.
وقيل السائبة: أم البحيرة، كانت الناقة إذا ولدت عشرة أبطن كلهن إناث سيبت فلم تركب ولم يشرب لبنها إلا الضيف وشقت أذن بنتها الأخيرة وسميت البحيرة، وهي بمنزلة أمها في أنها سائبة، وثمة أقوال أخرى، انظر: "الصحاح"، "لسان العرب" (سيب) و (بحر). قال الطبري: أما كيفية عمل القوم في ذلك، فما لا علم لنا به، وقد وردت الأخبار بوصف عملهم ذلك على ما قد حكينا، وغير ضائر الجهل بذلك إذا كان المراد من علمه المحتاج إليه، موصولاً إلى حقيقته، وهو أن القوم كانوا يحرمون من أنعامهم على أنفسهم ما لم يحرمه الله. "الطبري" ١١/ ١٢٧.
(٢) لفظ الجلاله لم يكتب في (ى).
(٣) ساقط من (ح) و (ز).

<<  <  ج: ص:  >  >>