للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالغَيْبِ} أي: يؤمنون إذا غابوا عنكم، ولم يكونوا كالمنافقين (١) الذين يقولون إذا خلوا إلى شياطينهم: {إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: ١٤]، ويقوي هذا الوجه قوله: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} [الملك: ١٢]، وقوله: {من خشي الرحمن بالغيب} [ق:٣٣]، والجار والمجرور هاهنا في موضع (الحال)، أي: يؤمنون غائبين عن مراءاة الناس، لا يريدون بإيمانهم تصنعا لأحد.

وقوله تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ}:

أي: يديمونها (٢)، ويحافظون عليها، ويقال: قام الشيء إذا دام وثبت، وأقامه إذا أدامه (٣)، والذي يدل على أن قيام الشيء إنما يعنى به دوامه وثباته (٤) ما أنشده أبو زيد:

إنِّي إذَا لم يُنْدِ حَلْقاً رِيقُه ... وَرَكَدَ السَّبُّ فَقَامَتْ سُوقُهْ (٥)

والراكد: الدائم الثابت (٦)، ومن ثم قيل: ماء راكد، وماء دائم.


(١) ذكره ابن عطية ١/ ١٤٥، والزمخشري في "الكشاف" ١/ ١٢٨، والرازي ٢/ ٢٧، وابن كثير ١/ ٤٤، والبيضاوي ١/ ٧.
(٢) أنظر: "تفسير أبي الليث" قال: يقيمون الصلاة يحافظون على الصلوات، وقد قيل: معنى يقيمون أي: يديمون الصلاة، ١/ ٩٨٠. وذكره ابن الجوزي وعزاه لابن كيسان، "زاد المسير" ١/ ٢٥.
(٣) في (ب): (دام).
(٤) انظر. "التهذيب" (قام) ٣/ ٢٨٦٤، "اللسان" (قوم) ٦/ ٣٧٨٢.
(٥) أبيات من الرجز أنشدها أبو زيد في "النوادر" مع أبيات أخرى ولم يعزها، "النوادر" ص ١٦٩، وذكر ابن الأنباري في "المذكر والمؤنث" البيت الثاني (وركد السب .. إلخ) مع بيت آخر ص٣٥٥، وكذا ورد البيت الثاني في "المخصص" ١٧/ ٢١.
(٦) في "غريب الحديث" لأبي عبيد: الدائم الراكد الساكن، ١/ ١٣٧، وانظر: "تهذيب اللغة" (دام) ٢/ ١١٣٤، (الزاهر) ٢/ ٣٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>