للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: وتفرُّقه أنه جعل يدبّره فيقول مرة: أفعل كذا، ومرة أفعل كذا، فلما عزم على أمر محكم أجمعه، أي جعله جميعًا (١).

وقد كشف أبو الهيثم عن حقيقة معنى إجماع الأمر، ومن هذا قوله وتعالى: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ} [يوسف: ١٠٢]، وقال الشاعر (٢):

أجمعوا أمرهم بليل فلما ... أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء

هذا الذي ذكرنا معنى إجماع الأمر، ثم صار بمعنى العزم حتى وُصِلَ بـ (على) فقيل: أجمعت على الأمر، أي: عزمت عليه، والأصل أجمعت الأمر.

وقوله تعالى: {وَشُرَكَاءَكُمْ}، قال الفراء: وادعوا شركاءكم [دعاء استغاثة (٣) بهم والتماس لمعونتهم] (٤) وكذلك هي في قراءة عبد الله (٥)، قال: والضمير هاهنا يصلح إلقاؤه كما قال الشاعر (٦):

ورأيت زوجك في الوغى ... متقلدًا سيفًا ورمحًا


(١) المصدر السابق، نفس الموضع.
(٢) البيت للحارث بن حلزة كما في "ديوانه" ص ٢٤، "لسان العرب" (ضوا) ٥/ ٢٦٢١.
(٣) في (م): (استعانة)، وما أثبته موافق لما في "الوسيط" ٢/ ٥٥٥.
(٤) ما بين المعقوفين غير موجود في "معاني القرآن" للفراء. ولم يذكره من نقل الجملة عنه كالنحاس في "إعراب القرآن" ٢/ ٣٦٢، وفي "معاني القرآن" ٣/ ٣٠٥، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٤/ ٤٨.
(٥) يعني ابن مسعود، ولم أجد من نسب إليه هذه القراءة سوى الفراء والمؤلف في "الوسيط" ٢/ ٥٥٥، والمشهور نسبتها إلى أبيّ بن كعب كما في "الحجة" ٤/ ٢٨٩، "المحتسب" ١/ ٣١٤، "تفسير الثعلبي" ٧/ ٢١/ ب، والزمخشري ٢/ ٢٤٥، "البحر المحيط" ٥/ ١٧٨ - ١٧٩، "الدر المصون" ٦/ ٢٤١.
(٦) البيت لعبد الله بن الزبعرى في "ديوانه" ص ٣٢، وسيأتي تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>