للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {دَرَاهِمَ} بدل من الثمن وتفسير له وواحده درهم، ويقال (١): رجل مدرهم، أي: كثير الدراهم.

وقوله تعالى: {مَعْدُودَةٍ} قال ابن إسحاق (٢): كانوا يعدون الدراهم، حتى يبلغ أوقية، فقال الله عزّ وجلّ {دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ}، ليعلم أنها أقل من أوقية، وذلك أنهم كانوا في ذلك الزمان لا يزنون ما كان وزنه أقل من أربعين درهماً، إنما كانوا يعدونه عدًّا، وقال أصحاب المعاني (٣): يعني معدودة قليلة، وذكر العدد عبارة عن القلة، وذلك أن الكثير قد يمتنع من عدده لكثرته، والقليل يعد لقلته، وذكرنا الاختلاف في عدد الدراهم.

وقوله تعالى: {وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} قال الليث (٤): الزهد: الزهادة في الدنيا، ولا يقال الزهد إلا في الدين خاصة، والزهادة في الأشياء كلها، ومعنى الزهد قلة الرغبة، يقال: زهد فلان في هذا، إذا لم يرغب فيه، وأصله من القلة، ومنه يقال: رجل زهيد، إذا كان قليل الطُّعْم، رجل مزهد قليل المال، ومصدر قوله {مِنَ الزَّاهِدِينَ} الزهادة لا الزهد، قال ابن عباس (٥): يريد إخوة يوسف، كانوا في يوسف من الزاهدين.

قال الضحاك (٦): لم يعرفوا نبوته، وموضعه من الله، وكرامته عليه،


(١) "تهذيب اللغة" (درهم) ٢/ ١١٨١.
(٢) الطبري ١٢/ ١٧٣، الثعلبي ٧/ ٦٨ ب، و "زاد المسير" ٤/ ١٩٦ عن ابن عباس، القرطبي ٩/ ١٥٦.
(٣) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٤٠، و"مشكل القرآن وغريبه" لابن قتيبه ص ٢١٧.
(٤) "تهذيب اللغة" (زهد) ٢/ ١٥٦٨.
(٥) "زاد المسير" ٤/ ١٩٧، القرطبي ٩/ ١٥٧، البغوي ٤/ ٢٢٥.
(٦) الطبري ١٢/ ١٧٤، وابن أبي حاتم ٧/ ٢١١٨ أ، وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ١٩، و"زاد المسير" ٤/ ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>