للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: أين فاعل بدا؟ قيل هو مضمر دل عليه (ليسجننه)، على تقدير: بدا لهم بداء (١) فقالوا والله (لنسجننه)، واللام في لنسجننه جواب ليمين (٢) مضمرة، كقوله {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ} [البقرة: ١٠٢] وقد مر، ورد السجن إلى الياء تغليبًا للأسماء الغيب، كما تقول: قال القوم والله ليكرمن ولنكرمن محمدًا، بالياء والنون، هذا الذي ذكرنا جواب ابن الأنباري (٣) وغيره من النحويين.

وقال الفراء (٤) وأصحابه: قوله {لَيَسْجُنُنَّهُ} قام مقام فاعل بدا؛ لأن تلخيصه: ظهر لهم سجنه، فناب الفعل الذي فيه لام القسم عن فاعل بدا، وذلك لما كان في الكلام معنى قول؛ لأن تأويل قوله (بدا لهم) أي فيما قالوا ودبروا، فصار كقولك: قلت ليقومن عبد الله، فتسد اللام وما بعدها مسد الكلام حين يقال قلن كلامًا فاللام (٥) في (ليسجننه) هذه قصتها؛ إذ كان الفعل الذي قبلها يرجع إلى القول في المعنى.

وذكر أبو علي الفارسي في "المسائل الحلبية" (٦) هذه الآية، فقال: إن أبا عثمان يقول: إن فاعله مضمر فيه، كأنه عنده: ثم بدا لهم بدو، فأضمر الفاعل لدلالة فعله عليه، وجاز هذا وحسن، وإن لم يحسن أن نقول: ظهر ظهور وعلن علن؛ لأن البدو والبدا قد استعمل على معنى غير المصدر،


(١) هذا القول رجحه ابن عطية ٧/ ٥٠٤، القرطبي ٩/ ١٨٦، والتقدير: ثم بدا لهم رأي.
(٢) في (أ): (ليمن).
(٣) "الزاهر" ٢/ ٦١، و"زاد المسير" ٤/ ٢٢١.
(٤) "معاني القرآن" ٢/ ٤٤.
(٥) في (ج): (واللام).
(٦) "المسائل الحلبية" ص ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>