للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ألا ترى أن قولهم: بدا لهم بدو، بمنزلة ظهر لهم رأي، كما أن قولهم: قيل فيه قول كذلك، فلهذا أقيم المصدر فيه مقام الفاعل، وأما قوله (ليسجننه) فحمله أبو عثمان على أنه حكاية، تقديره: بدا لهم أمر قالوا ليسجننه، فأضمر القول كما قال {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ} [الزمر: ٣] أي قالوا، ومثله كثير في التنزيل (١).

وقوله تعالى: {حَتَّى حِينٍ} قال أهل اللغة (٢): الحين وقت من الزمان غير محدود يقع على القصير منه والطويل.

قال ابن عباس (٣) في رواية عطاء: يريد إلى انقطاع القالة وما شاع في المدينة من الفاحشة، وقال في رواية الكلبي (٤): الحين هاهنا خمس سنين.

وقال سفيان وعكرمة (٥): سبع سنين.


(١) في هذه المسأله ثلاثة أقوال:
١ - مذهب سيبويه أن ليسجننه في موضع الفاعل أي: ظهر لهم أن يسجنوه، وقال محمد بن يزيد: هذا غلط لا يكون من الفاعل جملة ولكن.
٢ - الفاعل ما دل عليه بدا أي بدا لهم بداءٌ، فحذف الفاعل لأن الفعل يدل عليه.
٣ - أن معنى (بدا له) في اللغة ظهر له ما لم يكن يعرفه، فالمعنى ثم بدا لهم أي لم يكونوا يعرفونه، وحذف هذا لأن في الكلام عليه دليلًا، وحذف أيضًا القول أي قالوا: (ليسجننه) انظر: "الكتاب" ١/ ٤٥٦، و"إعراب القرآن" للنحاس ٢/ ١٤١.
(٢) "تهذيب اللغة" (حين) ١/ ٧١٤، و"لسان العرب" (حين) ٢/ ١٠٧٣.
(٣) القرطبي ٩/ ١٨٧، وفي البغوي ٤/ ٢٣٩، و"زاد المسير" ٤/ ٢٢٢ ونسبوه إلى عطاء.
(٤) البغوي ٤/ ٢٣٩، "زاد المسير" ٤/ ٢٢٢، القرطبي ٩/ ٨٧، الثعلبي ٧/ ٨١ أ.
(٥) الطبري ١٢/ ٢١٣، وابن أبي حاتم ٧/ ٢١٤١ وابن المنذر وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ٣٢، والبغوي ٤/ ٢٣٩، وابن عطية ٩/ ٢٩٧، و"زاد المسير" ٤/ ٢٢٢، القرطبي ٩/ ١٨٧، عن عكرمة (تسع سنين).

<<  <  ج: ص:  >  >>