للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شريطة التفسير ضربان: إما جملة تفسر مفردًا نحو: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} وإما مفرد يفسر مفردًا من جملة [نحو: نعم رجلاً، وأما جملة تفسر مفردًا من جملة] (١)، فليس في القسمة ولا في الوجود، وإذا كان كذلك فلا اتجاه لهذا التأويل في الآية، فإن قلت: فعلام يحمل هذا الضمير في أسرها؟ قلنا يحتمل أن يكون إضمارًا للإجابة، كأنهم لما قالوا: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} أسر يوسف إجابتهم في نفسه في الوقت {وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ} في الحال إلى وقت ثان، وجاز إضمار ذلك؛ لأنه قد دل على إضمارها ما تقدم من مقالتهم، ويجوز أيضًا أن يكون إضمارًا للمقالة كأنه أسر يوسف مقالتهم، والمقالة والقول واحد في المعنى.

فإن قلت: كيف يسر هو مقالتهم؟ قيل: ليس معنى المقالة اللفظ، ولكن المعنى المقول، فيكون المصدر عبارة عن المقول، كما يقول (٢) في الخلق، وضَرْب الأمير، ونَسْج اليمن، ومعنى أسرها: أوعاها ولم يطرحها وأكنها في نفسه، إرادة للتوبيخ عليها والمجازاة بها ونحو ذلك، فعلى هذا توجيه هذا الضمير لفساد ما ذكره أبو إسحاق عندنا (٣)، انتهى كلامه.

وقوله تعالى: {قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} هذا يدل على صحة ما ذكره أبو علي؛ لأنه كيف يصح أن يقول أسَرّ يوسف هذه الكلمة، وقد أخبر الله تعالى أنه قد قال ذلك، إلا أن يحمل على أنه قال ذلك في نفسه من غير إظهار، وفي ذلك عدول عن الظاهر. قال عطاء عن ابن عباس (٤): يريد:


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج)، وهو في (ب).
(٢) في "الإغفال" ٢/ ٩٠٤، "يكون الخلق عبارة عن المخلوق".
(٣) إلى هنا انتهى النقل عن "الإغفال" ٢/ ٩٠٤ بتصرف واختصار.
(٤) "زاد المسير" ٤/ ٢٦٤، القرطبي ٩/ ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>