للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كلما أحدثوا خطيئة جدد الله لهم نعمة) (١). فشبه هذا من الله بالاستهزاء والمكر؛ لأنه غيب عنهم غير ما أظهر لهم، كالمستهزئ منا يظهر أمرا يضمر غيره. (٢).

وقال ابن الأنباري: الاستهزاء من الله جل وعز مخالف الاستهزاء من المخلوقين؛ لأن استهزاءه أن يستدرجهم من حيث لا يعلمون (٣).

وقال جماعة أهل المعاني: معنى الله يستهزئ بهم: يجازيهم (٤) جزاء استهزائهم، فسمى الجزاء باسم المجازى عليه، كقوله: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى:٤٠] وقوله: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: ١٩٤] ومنه قول عمرو:

فنجهل فوق جهل الجاهلينا (٥)

وهذا هو الاختيار (٦)؛


(١) لم أجده بهذا النص منسوبا إلى ابن عباس، وذكره القرطبي في "تفسيره" ولم ينسبه ١/ ١٨١.
(٢) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٣٤، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٥٥، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٥٢ أ، و"تفسير ابن عطية" ١/ ١٧٧، "زاد المسير" ١/ ٣٦، و"تفسير الرازي" ٢/ ٧٠، وقد ضعف الرازي هذا وقال: لأن الله أظهر الأدلة الواضحة بما يعاملون به في الدار الآخرة.
(٣) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٣٦.
(٤) (يجازيهم) ساقط من (أ)، (ج).
(٥) البيت لعمرو بن كلثوم وصدره:
ألا لا يجهلن أحد علينا
وقد سبق تخريجه عند تفسير قوله تعالى: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ}.
(٦) هذا القول ذكره الطبري ورده كما سيأتي، وذكره الزجاج في "معاني القرآن" ١/ ٥٦، وأبو الليث في "تفسيره" ١/ ٩٧، و"تفسير ابن عطية" ١/ ١٧٧، و"تفسير =

<<  <  ج: ص:  >  >>