للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه (١) حمل الكلام على المزاوجة، ولأنه أظهر وأشكل بما جاء من نظائره في القرآن، وكل ذلك على المجاز الذي يحسن في الاستعمال للمبالغة في البيان والتصرف في الكلام.

وقوله تعالى: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}. أصل (المد) في اللغة: الزيادة، والمد: الجذب (٢): لأنه سبب الزيادة في الطول.


= ابن الجوزي" ١/ ٣٦، و"تفسير الثعلبي" ١/ ٤٧ ب، و"تفسير القرطبي" ١/ ١٨٥، وغيرهم من المفسرين. وصرح الواحدي باختياره له، وفي هذا القول تفسير للسخرية بالمجاز، وتأويل لها، ورده ابن جرير، ورجح أن المراد: أن الله يستهزئ بهم حقيقة، ولا يلزم لها اللوازم الباطلة، حيث قال: (وإذا كان معنى الاستهزاء والسخرية والمكر والخديعة ما وصفنا قبل، دون أن يكون ذلك معناه في حال فيها المستهزئ بصاحبه له ظالم، أو عليه فيها غير عادل، ... ثم قال: وأما الذين زعموا أن قول الله تعالى ذكره: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} إنما هو على وجه الجواب، وأنه لم يكن من الله استهزاء ولا مكر ولا خديعة، فنافون عن الله عز وجل ما قد أثبته الله عز وجل لنفسه، وأوجبه لها ...) "تفسير الطبري" ١/ ١٣٣. وإلى هذا المعنى أشار ابن تيمية -رحمه الله- حيت قال: (وكذلك ما ادعوه أنه مجاز في القرآن، كلفظ (المكر) و (الاستهزاء) و (السخرية) المضاف إلى الله، وزعموا أنه مسمى باسم ما يقابله على طريق المجاز، وليس كذلك، بل مسميات هذِه الأسماء إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة كانت ظلما له، وأما إذا فعلت بالمجني عليه عقوبة له بمثل فعله كانت عدلًا ... إلى أن قال: ولهذا كان الاستهزاء بهم فعلا يستحق هذا الاسم، كما روي عن ابن عباس: أنه يُفْتح لهم باب إلى الجنة وهم في النار فيسرعون إليه فيغلق ... ثم ذكر قولًا عن الحسن البصري بمعناه ... وقيل: إنه يظهر لهم في الدنيا خلاف ما أبطن في الآخرة، وقيل: هو تجهيلهم وتخطيئهم فيما فعلوه، وهذا كله حق، وهو استهزاء بهم حقيقة)، "مجموع الفتاوى" ٧/ ١١١، ١١٢. وما يقال في هذا يقال عند قوله {يُخَادِعُونَ اللَّهَ} وما قيل هناك يقال هنا.
(١) في (ب): (لأن).
(٢) انظر. "اللسان" (مدد) ٧/ ٤١٥٦، "القاموس" ص ٣١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>