للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني من بعد قوة للغزل؛ بإمرارها (١) وفَتْلِها.

وقوله تعالى: {أَنْكَاثًا} قال: واحدها نِكْث، وهو الغَزْل من الصوف والشَّعَر؛ يُبْرَم ويُنْسَج، فإذا أَخْلَقَت النَّسِيْجَة، قُطِّعَتْ ونُكِثَتْ خُيوطُها المُبْرمة وخُلِطَت بالصوفِ ومِيشتْ (٢)، ثم غُزِل ثانية، والنَّكْثُ المصدر، ومن هذا قيل: نَكَث فلانٌ عهدَه إذا نقضه بعد إحكامه؛ كما يُنْكَث خيطُ الصوف بعد إبرامه (٣)، وأنشد أبو عبيدة (٤) للمُسَيَّب بن عَلَس (٥):

عن غَيرِ مَقْلِيَةٍ وأنَّ حِبَالَها ... لَيْسَتْ بأنكاث ولا أقطاع (٦)


(١) في (ش)، (ع): (بإمرارها)، والمعنى واحد كما سبق.
(٢) في (ش)، (ع): (ونُفِشت)، ومعنى (المَيْشُ): خَلْطُ الصُّوفِ والشَّعَرِ. "المحيط في اللغة" (ميش) ٧/ ٤٠٠.
(٣) ورد في "تهذيب اللغة" (نكث) ٤/ ٣٦٥٨، بنحوه، وانظر: (نكث) في "اللسان" ٨/ ٤٥٣٦، و"التاج" ٣/ ٢٧٣.
(٤) في جميع النسخ: أبو عبيد، والصحيح المثبت.
(٥) زهير بن عَلَس، ولقبه المسيَّب، وهو خال الأعشى، وكان الأعشى راويته، وهو جاهلي ولم يدرك الإسلام، عدَّه الجمحي في الطبقة السابعة من فحول شعراء الجاهية، وكان من المُقِلِّين. انظر: "طبقات فحول الشعراء" ١/ ٢١، و"الشعر والشعراء" ص٩٥، و"شرح اختيار المفضل" ١/ ٣٠٢، و"الخزانة" ٣/ ٢٤٠.
(٦) "مجاز القرآن" ١/ ٣٦٧، وورد برواية: (بأرْمامٍ) بدل (بأنكاث)، في "المفضليات" ص٦١، و"أمالي القالي" ٣/ ١٣٠، و"شرح اختيارات المفضل" ١/ ٣٠٤، وفي كل المصادر -ما عدا- الأمالي: (من) بدل (عن)، (المقلية): البغض، (حبالها): ما احتلبته من مودة، حبلٌ أرمام، وحبلٌ أقطاع: إذا كان قِطعًا مُوَصَّلة. والشاعر. يخاطب نفسه معاتبًا إياها على الرحيل من أرض سلمى وديارها ولمّا يستمتع بما أو يرى منها مكروها، ويواصل عتابه في هذا البيت قائلاً: أثرت ذلك، وهَوَى النفس كما كان لم يتسلَّط عليه تحيُّفٌ، وحبل الوصل برْمته لم يَضعُف.

<<  <  ج: ص:  >  >>