للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالتخفيف، فإن التخفيف قد جاء بهذا المعنى، كقوله: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا} [البقرة: ٦٣] هذا ليس على لا تنسوه ولكن تَدَّبروه (١)، ويجوز أن يكون المراد ذكر اللسان، والمعنى: صَرَّفنا في هذا القرآن ليذكروه، وإذا كان الكلام مُصَرَّفًا فيه على أنواع، كان أقرب من الذكر وأبعد من السأمة.

وقوله تعالى: {وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا} قال ابن عباس: يريد ينفرون من الحق ويتبعون الباطل (٢)، قال أبو علي: أي ما يزيدهم تصريف الآيات إلا نفورًا (٣)، أضمر الفاعل بدلالة ما تقدم عليه؛ كقوله: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا} [فاطر: ٤٢]، أي: مجيء النذير.

قال أهل المعاني: إنما زادهم نفورًا؛ لأنهم اعتقدوا أنها شُبَه وحِيَل، فنفروا منها أشد النفور؛ لهذا الاعتقاد الفاسد، ومنعهم ذلك من التَدبُّر لها، وإدراك منزلتها في عظم الفائدة وجلالة المنزلة (٤).

وقال أبو علي: هذا على أنهم ازدادوا نفورًا عند تفصيل الآي لهم؛ [لا] (٥) لأن تصريف الآي نَفَّرهم (٦)؛ ولكنهم لما ازدادوا نفورًا عند تصريف الآي نُسب ذلك إليه على الاتساع؛ كما قال: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا} [فاطر: ٤٢]، والمعنى: ازدادوا هم نفورًا عند مجيئه فَنُسب ذلك إلى


(١) في جميع النسخ: تذكروه وهو تصحيف ولا يؤدي المعنى المستشهد له، وما أثبته هو الصواب ويؤيده ورودها في "الحجة للقراء" ٥/ ١٠٤، وهو مصدره.
(٢) انظر: "تفسير ابن الجوزي" ٥/ ٣٨، بنصه.
(٣) "الحجة للقراء" ٥/ ١٠٥، بتصرف يسير.
(٤) ورد في "تفسير الثعلبي" ٧/ ١٠٩ أ، بنحوه مختصرًا، و"الطوسي" ٦/ ٤٨٠ بنصه تقريبًا.
(٥) إضافة من المصدر ليستقيم الكلام، وبدونها يضطرب المعني.
(٦) "الحجة للقراء" ٥/ ١٠٥ بنصه.

<<  <  ج: ص:  >  >>