للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله تعالى: {لِيَذَّكَّرُوا} قال ابن عباس: يريد ليتعظوا (١)، والأصل ليتذكروا، فأدغمت التاء في الذال لقرب مخرجيهما، هذا قراءة العامة (٢)، وقرأ حمزة والكسائي: لِيَذْكُرُوا (٣) من الذكر، والتَّذَكُّرُ هاهنا أشبه (٤) من الذكر؛ لأنه كأنَّ يُرادُ به التَّدَبُّر وليس التذكر الذي بعد النسيان، ولكن كما قال: {وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: ٢٩]، أي: ليتدبروه بعقولهم، وليس المراد ليتذكروه بعد نسيانهم، ويدل على هذا، أن التذكر قد لا يكون من النسيان، كقوله (٥):

تَذَكَّرَ مِنْ أَنَّى ومِنْ أَيْنَ شِرْبُهُ .... يُؤَامِرُ نَفْسَيْهِ كَذِي الهَجْمَةِ الأَبِلْ (٦)

يعني تَدَبَّر في ذلك وتفَكَّر من أين يشرب، وأمّا [مَنْ] (٧) قرأ


(١) ورد بلفظه بلا نسبة في "تفسير السمرقندي" ٢/ ٢٦٩، و"الثعلبي" ٧/ ١٠٩ أ، و"الخازن" ٣/ ١٦٥.
(٢) انظر: "السبعة" ص ٣٨٠، و"إعراب القراءات السبع وعللها" ١/ ٣٧٤، و"الحجة للقراء" ٥/ ١٠٤، و"المبسوط في القراءات" ص ٢٢٩، و"التبصرة" ص ١٤٠، و"تلخيص العبارات" ص ١١٣.
(٣) انظر المصادر السابقة.
(٤) أي: أولى.
(٥) للكميت بن زيد (ت ١٢٦ هـ).
(٦) "ديوانه" ١/ ٣٩٦، وورد في: "الحجة للقراء" ١/ ٣١٧، و"اللسان" أبل ١/ ١٠، والشاعر يذكر حمارًا أراد ورورد الماء، (يؤامر نفسيه): المؤامرة هي المشاورة، والمعنى: يشاور نفسه مترددًا بين ورود الماء أو تركه، فكأنه يشاور نفسين؛ إحداهما تريد الورود، والأخرى تأباه. (الهجمة): الهجمةُ من الإبل: ما بين التسعين إلى المائة، وجمعها هَجَمَاتٌ وهِجَامٌ، (أَبِلَ): قال الأصمعي: أَبِلَ الرجُل يأبل أبالةً، إذا حَذِق مصْلحة الإبل والشاء، والأبِلُ والآبلُ: الحاذق برِعْيةِ الإبلِ الرفيقُ بسياستها، انظر: "تهذيب اللغة" (أبل) ١/ ١٠٩، و"المحيط في اللغة" (هجم) ٣/ ٣٨٥، (أمر) ١٠/ ٢٨٤، (أبل) ١٠/ ٣٥٠، و"اللسان" (أبل) ١/ ٩.
(٧) زيادة يقتضيها السياق، ولعلها سقطت.

<<  <  ج: ص:  >  >>