للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ}. {أَضَاءَ} هاهنا إن كان متعديا فالمفعول محذوف، وكأنه قيل: كلما أضاء لهم الطريق، ويجوز أن يكون لازما بمعنى (ضاء) (١).

قال ابن عباس: يقول: إذا قرئ عليهم شيء من القرآن مما يحبون صدقوا، وإذا سمعوا شيئاً من شرائع النبي صلى الله عليه وسلم مما يكرهون وقفوا عنه، وذلك قوله تعالى: {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} (٢).

وقال قتادة: هو المنافق إذا كثر ماله وأصاب رخاء وعافية قال للمسلمين: أنا معكم وعلى دينكم، وإذا أصابته النوائب قام متحيرا؛ لأنه لا يحتسب أجرها (٣). كأصحاب الصيب إذا أضاء لهم البرق فأبصروا الطريق مشوا، فإذا عادت الظلمة وقفوا متحيرين. ومثله قوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ} [الحج:١١]. وقيل: شبه الغنيمة بالبرق، يقول (٤): الطمع في الغنيمة يزعج قلوبهم، {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ}: أي كثرت الغنائم


= "الدر" ١/ ٧٣، وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين "تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٥٧.
(١) انظر "معاني القرآن" للفراء١/ ١٨، "تفسير ابن عطية" ١/ ١٩٤، "وتفسير القرطبي" ١/ ١٩٣.
(٢) ذكره ابن الجوزي عن ابن عباس والسدي، "زاد المسير" ١/ ٤٦، وأبو حيان في "البحر" ١/ ٩١، وذكر ابن عطية عن ابن عباس نحوه ١/ ١٩٥، وكذا "القرطبي" ١/ ١٩٣.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١/ ٥٦ أ، وأخرجه "الطبري" في "تفسيره" ١/ ١٥٥، وذكره السيوطي في "الدر" وعزاه إلى عبد بن حميد وابن جرير ١/ ٧٢، وقد ورد نحوه عن ابن عباس. انظر: "تفسير الطبري" ١/ ١٥٤، و"تفسير ابن أبي حاتم" ١/ ٥٩، "الدر" ١/ ٧٢.
(٤) في (ب): (لقول).

<<  <  ج: ص:  >  >>