للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأزرق (١)؛ لأنا نقول: عَمِي وزَرِق وعَرِج وعَشِي، ولا نقول: حَمِر ولا بَيِض ولا صَفِر.

قال الفراء: وليس ذلك بشيء؛ إنما يُنظر في هذا إلى ما يجوز أن يكون أقل أو أكثر، فيكون أفعل دليلًا على قلة الشيء وكثرته، ألا ترى أنك تقول: فلان أجمل من فلان؛ لأن جماله يزيد على جماله، ولا تقول للأعشى: هذا أعمى من ذلك، ولا لميتين هذا أموت من ذا، فأمّا قول الشاعر (٢):

أمَّا الملوكُ فأنتَ اليومَ ألأَمُهُم ... لُؤمًا وأبيضُهُم سِرْبالَ طبَّاخِ (٣)

فهو شاذ؛ هذا كلامه (٤)، وعلى هذا التحديد إنما يجوز أن يقال: أفعل منك فيما يكون فعله على ثلاثة أحرف، وذلك الشيء مما يقل ويكثر، وما عدا هذا فإنما يقال فيه: أفعل منه، شاذًّا.


(١) هذه من مسائل الخلاف المشهورة بين البصريين والكوفيين، فذهب الكوفيون إلى جواز استعمال ما أفعله في التعجب من البياض والسواد خاصة من بين سائر الألوان، وذهب البصريون إلى أن ذلك لا يجوز فيهما كغيرهما من سائر الألوان. انظر التفصيل حول هذه المسألة في: "الإنصاف" ص ١٢٤، و"شرح المفصل" ٦/ ٩٣، و"المقرب" ١/ ٧٢، و"الخزانة" ٨/ ٢٣٠.
(٢) هو طرفة بن العبد (جاهلي).
(٣) "ديوانه" ص ١٨، و"اللسان" (بيض) ١/ ٣٩٧، وورد بلا نسبة في "إعراب القراءات السبع وعللها" ١/ ٣٧٩، "تفسير الثعلبي" ٤/ ١١٧ ب، و"الطوسي" ٦/ ٥٠٥، و"القرطبي" ١٠/ ٢٩٩، و"اللسان" (عمي) ٥/ ٣١١٥، و"شرح التصريح" ١/ ٣٢٤، وله رواية اخرى استشهد بها النجاة في باب أفعل التفضيل، وهي:
إذا الرجالُ شتَوْا واشتدَّ أَكلهمُ ... فأنت أبيضهُم سربالَ طبَّاخِ
ورد هذه الرواية في: "الإنصاف" ص ١٢٤، و"شرح المفصل" ٦/ ٩٣١، و"المقرب" ١/ ٧٣، و"الخزانة" ٨/ ٢٣٠.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٢٨، نقل طويل تصرف فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>