للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى أنهم يبادرون إلى السجود فيسقطون على الأذقان أولاً إذا وقعوا بالأرض إلى أن نصبوا (١) جباههم على الأرض للسجود؛ لأن الذقن ليس من أعضاء السجود، ويدل على هذا (٢) قوله: {يَخِرُّونَ} ولم يقل: يسجدون؛ لأنه أراد مسارعتهم إلى ذلك حتى إنهم ليسقطون ويقولون في سجودهم: {سُبْحَانَ رَبِّنَا}، أي: ينزهونه ويعظمونه، {إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا}: أي وعده بإنزال (٣) القرآن وبعث محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهذا يدل على أن هؤلاء كانوا من أهل الكتاب؛ لأن الوعد ببعث محمد -صلى الله عليه وسلم- سبق في كتابهم، فهم كانوا ينتظرون ذلك الوعد.

وذكر الليث وجهًا آخر في قوله: {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ} فقال: العرب تقول إذا خَرّ الرجل فوقع على وجهه: خَرّ للذقن، وكذلك الشجر والحجر إذا قلبه السيل يقال: كبه السيل للذقن (٤)، ويدل على ما ذكره قول امرئ القيس يصف سيلًا شديدًا (٥):

يَكُبُّ على الأذْقَانِ دَوْحَ الكَنَهْبَلِ (٦)


(١) هكذا في جميع النسخ , والعبارة قلقة, ولعلها (يصيبوا) من الإصابة, وهي الإنسب للسياق.
(٢) في (أ)، (د)، (ش): (أن هذا) والمثبت من (ع).
(٣) في (أ)، (د): (بأنزل)، والمثبت من (ش)، (ع).
(٤) ورد بنحوه غيرمنسوب في "تفسير الفخر الرازي" ٢١/ ٦٩.
(٥) في (أ)، (د): (سبيلًا شديد)، والصحيح المثبت من (ش)، (ع) لغويًّا ونحويًّا.
(٦) وصدره:
وأضْحى يَسُحُّ الماءَ عن كلِّ فيقةٍ
"ديوانه" ص ١٢١، وورد في: "أساس البلا غة" ص ٢٩٩ مادة: (ذقن)، و"اللسان" (كهبل) ٧/ ٣٩٤٥، (ذقن) ٣/ ١٥٠٦ (فيقة): الفيقة: الفترة ما بين الحلبتين، (كنهبل): أصله كَهْبَل والنون فيه زائدة، وهو شجر عظام من العِضاه، وقيل: صنف من الطَّلح قصار الشوك، والمعنى: كأنه يقول: إن المطر يسح ويسكن أخرى، يكب على الأذقان دوح الكنهبل، يقتلع شجر الكنهبل من أصوله ويلقيه على أم رأسه لشدة سحه وهيجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>