للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروي أيضًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي بن كعب قال: "ما انجاب الماء مذ كان الناس غير مكان الحوت الذي دخل منه كالكوة، حتى رجع إليه موسى فرأى مسلكه" (١). هذا معنى قوله: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا}.

وقال الكلبي: (كان عند تلك الصخرة التي نزلا عندها عين ماء فتوضأ يوشع من ذلك الماء، فانتضح على الحوت في المكتل ثم طفر في البحر) (٢).

والسَّرب معناه في اللغة: المحفور في الأرض لا نفاذ له، شبه مسلك الحوت في الماء (٣)، والماء منجاب عنه بالسَّرب. كما قال الفراء: (حيي الحوت بالماء الذي أصابه من العين، فلما وقع في الماء جمد مذهبه في البحر فكان كالسرب) (٤).

هذا قول المفسرين في هذه الآية. وعلى ما قالوا في نظم الآية تقديم وتأخير على تقدير: فلما بلغا مجمع بينهما اتخذ الحوت [سبيله في البحر سربا، ونسي يوشع أن يذكر ذلك لموسى؛ لأن النسيان لم يتقدم على ذهاب الحوت] (٥)، ذهب الحوت فنسي الفتى أن يذكر ذلك لموسى حتى جازوا ذلك المكان على ما في القرآن من الآيات بعد هذه الآية.


(١) "جامع البيان" ١٥/ ٢٧٣، "معالم التنزيل" ٥/ ١٨٦، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١٠٣.
وسبق تخريج الحديث في أول القصة.
(٢) "معالم التنزيل" ٥/ ١٨٦، "بحر العلوم" ٢/ ٣٠٥، "الكشاف" ٢/ ٣٩٥، "روح المعاني" ١٥/ ٣١٤، "التفسير الكبير" ٢١/ ١٤٦.
(٣) انظر (سرب) "تهذيب اللغة" ٣/ ١٦٦٣، "الصحاح" ١/ ١٤٦، "اللسان" ٤/ ١٩٨١.
(٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٥٤.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من نسخة (س).

<<  <  ج: ص:  >  >>