للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويجوز أن يكون للتبعيض، لأنهم إنما يرزقون بعض ثمار الجنة (١).

وقوله تعالى: {قَالُواْ هَذَا اَلَّذِى رُزِقنَا مِن قَبل}. (٢) لتشابه ما يؤتون به، ولم يريدوا بقولهم: (هذا الذي رزقنا من قبل) نفس ما أكلوه، ولكن أرادوا: هذا من نوع ما رزقنا من قبل (٣)، كما يقول الرجل: فلان قد أعد لك الطبيخ والشواء، فيقول: هذا طعامي في منزلي كل يوم، يريد هذا الجنس (٤).

و (قبل) يبنى على الضم في مثل هذا الموضع، لأنها تضمنت معنيين، أحدهما: معناها في ذاتها، وهو السبق (٥).

والآخر: معنى ما بعدها، لأن التأويل: هذا الذي رزقنا من قبله، فهو وإن لم يضف ففيه معنى الإضافة (٦)، فلما أدت عن معنيين قويت فحملت


(١) المشهور أن (من) في هذا، وفي قوله: (من قبل) لابتداء الغاية، وقيل: للبيان. انظر: "الكشاف" ١/ ٢٦٠، "البحر" ١/ ١١٤، "الدر المصون" ١/ ٢١٥.
(٢) (قالوا) ساقط (ب).
(٣) ذكر ابن جرير في قوله: (هذا الذي رزقنا من قبل) قولين: أحدهما: هذا الذي رزقنا من قبل في الدنيا. ورجح هذا القول، لأن أول رزق في الجنة لم يسبقه شيء. الثاني: هذا الذي رزقنا من ثمار الجنة من قبل هذا. انظر "تفسير الطبري" ١/ ١٧١ - ١٧٢، وانظر "القرطبي" ١/ ٢٠٦، "البحر" ١/ ١١٤.
(٤) ذكره "الطبري" في جواب سؤال أورده وهو قوله: فإن سألنا سائل، فقال: وكيف قال القوم: هذا الذي رزقنا من قبل، والذي رزقوه من قبل قد عدم بأكلهم إياه؟ وكيت يجوز أن يقول أهل الجنة قولا لا حقيقة له؟ ثم أجاب عنه بنحو ما ذكر الواحدي هنا، "الطبري" ١/ ١٧٢.
(٥) بنيت على الضم لأنها غاية، انظر "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٢٠، والزجاج ٤/ ١٧٦، "تهذيب اللغة" (قبل) ٣/ ٢٨٧٥، "تفسير الثعلبي" ١/ ٥٨ أ، "إعراب القرآن" للنحاس ١/ ١٥١، "البحر" ١/ ١١٤.
(٦) انظر المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>