(٢) رجح ابن جرير: أن الاستواء بمعنى العلو، فقال -بعد أن ذكر الأقوال في الاستواء-: (وأولى المعاني) بقول الله جل ثناؤه: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ} علا عليهن وارتفع، فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سموات. والعجب ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}، الذي هو بمعنى العلو والارتفاع، هربا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه -إذا تأوله بمعناه المفهوم كذلك- أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها، إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر، ثم لم ينج مما هرب منه!، فيقال له: زعمت أن تأويل قوله: (استوى) أقبل، أفكان مدبرا عن السماء فأقبل إليها؟ فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل، ولكنه إقبال تدبير، قيل له فكذلك، فقل: علا عليها علو ملك وسلطان، لا علو انتقال وزوال، ثم لن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في الآخر مثله، ولولا أنا كرهنا إطالة الكتاب بما ليس من جنسه، لأنبأنا عن فساد قول كل قائل قال في ذلك قولا، لقول أهل الحق فيه مخالفا ....) "الطبري" ١/ ١٩٢. ونرى في سياق كلام الطبري أنه رجح في معنى (الاستواء) ما قال به السلف ثم أخذ يحاور المؤوّلين، ومن باب إلزام الحجة لهم قال: (قل: علا عليها علو ملك وسلطان ...) ولا شك أن هذِه العبارة ليس من نهج السلف في الإثبات والله أعلم. (٣) قول ابن عباس: إنه بمعنى صعد، كما ذكر الفراء ١/ ٢٥، وإنما أوله الزجاج بمعنى: يصعد أمره. انظر. "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٥.