للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم أخرجه من أولي العزم من الرسل حين يقول لنبيه: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} [القلم: ٤٨]؟ وإن كان مغاضبًا لقومه (١) فإن كان غضبه قبل أن يؤمنوا فإنما غضب على من يستحق في المدة أن يغضب (٢). وإن كان الغضب عليهم بعد أن آمنوا فكيف يجوز أن يغضب على قومه حين آمنوا؟ وبه بعث، وإليه دعى. ولكن (٣) نبي الله عليه السلام لمّا أخبرهم (٤) عن الله أنه مُنزل العذاب عليهم لأجل، ثم بلغه بعد مضى الأجل أنه لم يأتهم ما وعدهم، خشي أن ينسب إلى الكذب، ويعيّر به، وُيحقق عليه، لا سيما ولم تكن قرية آمنت عند حضور العذاب فنفعها إيمانها غير قومه، فدخلته (٥) الأنفة والحمية، وكان مغيظًا بطول ما عاناه من تكذيبهم وهُزئهم وأذاهم واستخفافهم بأمر الله، مشتهيًا لأن ينزل بأس الله بهم. هذا إلى ضيق صدره وقلة صبره على ما صبر على مثله أولو العزم من الرسل.

وقد روي في الحديث (٦): أنه كان ضيق الصدر، فلما حُمِّل أعباء


(١) (لقومه) ساقطة من (ت).
(٢) العبارة في "مشكل القرآن" لابن قتيبة ص ٤٠٥: (فإن كان نبي الله -صلى الله عليه وسلم- ذهب مغاضبًا على قومه قبل أن يؤمنوا، فإنما راغم من استحق -في الله- أن يراغم، وهجر من وجب أن يهجر، واعتزل من علم أن قد حقت عليه كلمة العذاب.
(٣) في "المشكل" لابن قتيبة ص ٤٠٧: (فكأن).
(٤) في (د)، (ع): (خبرهم).
(٥) في (ت): (فأخذته)، وما أثبتناه هو الموافق لما في "مشكل ابن قتيبة" ص ٤٠٧.
(٦) روى الطبري في "تفسيره" ١٧/ ٧٧ والحاكم في "مستدركه" ٢/ ٥٨٤ - ٥٨٥ عن وهب بن منبه اليماني قال: إن يونس بن متى كان عبدًا صالحًا، وكان في خلقه ضيق، فلما حملت عليه أثقال النبوة -وهلا أحمال لا يحملها إلا قليل- تفسخ تحتها تفسخ الربع تحت الحمل، فقذفها تحت يديه، وخرج هاربًا منها، يقول الله =

<<  <  ج: ص:  >  >>