للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولذلك قال (١) يوسف عليه السلام: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: ٥٣] يريد: ما أضمره وحدث به نفسه [عند حدوث الشهوة. فإن كان ذو النون] (٢) قد غاضب قومه فبأي ذنب (٣) عوقب بالتقدم الحوت والحبس (٤) في الظلمات؟ وما الأمر الذي ألام فيه؟ فنعاه (٥) الله عليه إذ يقول {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} والمليم الذي أجرم جرمًا استوجب به اللوم.


(١) هذا أحد وجهين في قائل هذه المقالة، والوجه الثاني أن قائل هذا هي امرأة العزيز حيث قال تعالى: {قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٥١) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (٥٢) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} [يوسف: ٥١ - ٥٣]. قال أبو العباس بن تيمية في "الفتاوى" ١٠/ ٢٩٨: وقوله {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ...} الآية من كلام امرأة العزيز، كما يدل القرآن على ذلك دلالة بينة، لا يرتاب فيها من تدبر القرآن. ثم ساق الآيات ثم قال: فهذا كله كلام امرأة العزيز، ويوسف إذ ذاك في السجن، لم يحضر بعد إلى الملك، ولا سمع كلامه ولا رآه. ثم ذكر قول من قال إن هذا من كلام يوسف وتعقبه بقوله: وهذا قول في غاية الفساد، ولا دليل عليه، بل الأدلة تدل على نقيضه.
وقال ابن كثير في "تفسيره" ٢/ ٤٨١، وهذا القول -يعين أن هذا من كلام امرأة العزيز- هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام .. لأن سياق الكلام كله من كلام امرأة العزيز بحضرة الملك، ولم يكن يوسف عليه السلام عندهم، بل بعد ذلك أحضره الملك. واستظهر هذا القول أيضًا أبو حيان في "البحر" ٥/ ٣١٧ هذا القول، ثم ذكر قول من قال إن هذا من كلام يوسف، وتعقبه بقوله: ومن ذهب إلى أن قوله (ليعلم) إلى آخره من كلام يوسف يحتاج إلى تكلف ربط بينه وبين ما قبله، ولا دليل يدل على أنه من قول يوسف.
(٢) ما بين المعقوفين كشط في (أ).
(٣) في (أ): (من غير ذنب).
(٤) بعد قوله: (والحبس) يبدأ السقط في نسخة (أ).
(٥) في (ت): (فعناه).

<<  <  ج: ص:  >  >>