للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلا نقدر عليه (١).

وهذا التأويل بعيد، ولا يجوز مثله على الأنبياء (٢).

قال أبو الهيثم: من اعتقد أن يونس ظن أن لن يقدر الله عليه فهو كافر؛ لأن يونس رسول، لا يجوز ذلك الظن عليه (٣).

وقال الأزهري: قوله (أن لن نقدر عليه) لا يجوز أن يكون من القدرة؛ لأن من ظن هذا فقد كفر، والظن شك، والشك في قدرة الله كفر، وقد عصم الله أنبياءه عن مثل ما ذهب إليه هذا المتأول، ولا يتأول مثله إلا جاهل بكلام العرب ولغاتها (٤).

وقد ذهب الأخفش إلى مثل ما روي عن الحسن، فقال: فظن أن يفوتنا (٥).

فقال أبو حاتم: لم يدر الأخفش ما معنى (نقدر) وذهب إلى القدرة


(١) ذكره الثعلبي في "الكشف والبيان" ٣/ ٤١ ب من رواية عوف عن الحسن. ورواه الطبري في "تفسيره" ١٧/ ٧٩ من رواية عوف، عن سعيد بن أبي الحسن.
(٢) قال الطبري ١٧/ ٧٩ عن هذا القول: ووصفه -يعني يونس- بأنه ظن أن ربه يعجز عما أراد به ولا يقدر عليه، وصف له بأنه جهل قدرة الله، وذلك وصف له بالكفر وغير جائز لأحد وصفه بذلك. وقال القرطبي ١١/ ٣٣١: وهذا قول مردود مرغوب عنه؛ لأنه كفر. ثم ذكر أن المهدوي حكاه عن سعيد بن جبير أو الثعلبي عن الحسن. ثم ذكر رواية أخرى عن الحسن أنه قال: هو من قوله تعالى {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} [الرعد: ٢٦] أي: يضيق، ثم قال القرطبي: وهذا الأشبه بقول سعيد والحسن.
(٣) قول أبي الهيثم في "تهذيب اللغة" للأزهري ٩/ ٢٠ (قدر) مع حذف.
(٤) "تهذيب اللغة" للأزهري ٩/ ٢١.
(٥) ذكره عن الأخفش: أبو بكر بن الأنباري في كتابه "إيضاح الوقف والابتداء" ٢/ ص ٧٧٧، والأزهري في "تهذيب اللغة" ٩/ ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>