(٢) قال أبو العباس أحمد بن تيمية: فإن يونس عليه السلام ذهب مغاضبا، وقال تعالى {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} وقال تعالى {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} ففعل ما يلام عليه، فكان المناسب لحاله أن يبدأ بالثناء على ربه، والاعتراف بأنه لا إله إلا هو، فهو الذي يستحق أن يعبد دون غيره فلا يطاع الهوى، فإن اتباع الهوى يضعف عبادة الله وحده، وذو النون شهد ما حصل من التقصير في حق الإلهية بما حصل من المغاضبة ففي ذلك من المعارضة في الفعل لحب شيء آخر ما يوجب تجريد محبته لله وتألهه له وأن يقول (لا إله إلا أنت) وهذا الكلام يتضمن براءة ما سوى الله من الإلهية سواء صدر ذلك عن هوى النفس أو طاعة الخلق أو غير ذلك فإن قول العبد: لا إله إلا أنت يمحو أن يتخذ إلهه هواه. فكمل يونس صلوات الله عليه تحقيق إلهيته لله، ومحو الهوى الذي يتخذ إلها من دونه، لم يبق له صلوات الله عليه وسلامه عند تحقيق قوله (لا إله إلا أنت) إرادة تزاحكم إلهية الحق، بل كان مخلصًا لله الذين إذ كان من أفضل عباد الله المخلصين. وقوله {سُبْحَانَكَ}، يتضمن تعظيمه وتنزيهه عن الظلم وغيره من النقائص، والمقام يقتضي تنزيهه عن الظلم والعقوبة بغير ذنب، يقول: أنت مقدس ومنزه عن ظلمي وعقوبتي بغير ذنب، بل أنا الظالم الذي ظلمت نفسي. انتهى كلامه رحمه ملخصا مع تصرف. انظر: "الفتاوى" ١٠/ ٢٤٨ - ٢٨٧. (٣) هو محمد بن سعد بن أبي وقاص، أبو القاسم، القرشي، الزهري، المدني. روى عن أبيه وعثمان وطائفة. وكان ثقة عالماً. قام على الحجاج مع ابن الأشعث، فأسر يوم دعي الجماجم، فقتله الحجاج سنة ٨٢ هـ. "طبقات ابن سعد" ٥/ ١٦٧، ٦/ ٢٢١، "سير أعلام النبلاء" ٤/ ٣٤٨، "تهذيب التهذيب" ٩/ ١٨٣.