للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما تسكين الياء من (نُجّيْ) على قراءة عاصم فقال ابن الأنباري: سكنت الياء من (نجي) وهو فعل ماض؛ لأن جماعة من العرب يستثقلون تحريك الياء فيقولون: بقي فلان، ورضي فلان. وإلى هذا ذهب الحسن فقرأ (١): (وذروا ما بقيْ من الربا)، قال الشاعر:

ليت شِعْري إذا القيامةُ قامَتْ ... وَدُعِي بالحسابِ أين المصيرا (٢) (٣)


= حرف المضارعة في قوله سبحانه (تذكرون) أي: تتذكرون، ويشهد أيضًا لذلك سكون لام (نجي) ولو كان ماضيا لانفتحت اللام إلا في الضرورة. وجود هذا الوجه أبو شامة المقدسي في "إبراز المعاني" ص ٦٠١ وقال أيضًا: وهو وجه سديد غريب لا تعسف فيه، ويشهد له أيضًا حذف إحدى النونين من (تحاجوني)، و (تبشروني) و (تأمروني). واستظهره أيضًا ابن هشام في "أوضح المسالك" ٣/ ٣٥٠، وحسنه السمين الحلبي في "الدر المصون" ٨/ ١٩١ واستشهد له. لكن مكي بن أبي طالب ضعف هذا الوجه في كتاب مشكل "إعراب القرآن" ٢/ ٤٨٣، وتبعه أبو البقاء العكبري في "الإملاء" ٢/ ١٣٦ قالا- واللفظ للعكبري: وهذا ضعيف لوجهين: أن النون الثانية أصل وهي فاء الكلمة فيبعد حذفها، والثاني: أن حركتها غير حركة النون الأولى فلا يستقل الجمع بينهما. وقد رد السمين الحلبي في "الدر" ٨/ ١٩٢ على أبي البقاء فقال: أما كون الثانية أصلاً فلا أثر له في منع الحذف، ألا ترى أن النحويين اختلفوا في إقامة واستقامة أي: الألفين المحذوفة؟ مع أن الأولى هي أصل لأنها عين الكلمة. وأما اختلاف الحركة فلا أثر أيضًا؛ لأن الاستثقال باتحاد لفظ الحرفين على أي: حركة كانا. أهـ.
الوجه الثاني: أن (نجي) فعل ماض مسند لضمير المصدر، فضمير المصدر أقيم مقام الفاعل، و (المؤمنين) منصرب بإضمار فعل مقدر، وليس منصوبا بنجي والتقدير: وكذلك نجي هو -أي: النجاء- ننجي المؤمنين.
ذكر أبو حيان ٦/ ٣٣٥، والسمين الحلبي ٨/ ١٩٣ هذا الوجه.
(١) قراءة الحسن في: "الشواذ" لابن خالويه ص ١٧، القرطبي ٣/ ٣٦٩، "البحر المحيط" ٢/ ٣٣٧، "الدر المصون" ٢/ ٦٣٧.
(٢) في (أ)، (ت)، (ع): (المصير)، والمثبت من (د) وبقية المصادر.
(٣) هذا البيت أنشده ابن الأنباري في "شرحه للقصائد السبع الطوال الجاهليات" =

<<  <  ج: ص:  >  >>