للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال مجاهد: سجود الجماد وكل شيء سوى المؤمنين تحول ظلالها كما قال: {وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [الرعد: ١٥] (١).

قال أهل المعاني: كأنه يجعل ذلك لما فيه من العبرة بتصريف الشمس في دورها عليه سجودًا (٢).

وقال أبو العالية: ما في السماء نجم ولا شمس ولا قمر إلا يقع لله ساجدا حين يغيب ثم لا ينصرف حتى يؤذن له فيرجع إلى مطلعه (٣).

وعلى هذا فكل شيء مما خلقه (٤) الله تعالى يسجد لله حقيقة السجود ويدل عليه قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: ٧٤] وقوله: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ} [الأنبياء: ٧٩] إلا أنا لا نعلم كيفية ذلك، وقد قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: ٤٤].

وقال أرباب الأصول: الجمادات لا تعقل ولا يتميز فإن حدثت لها حالة (٥) في التمييز فذلك (٦) بأن الله تعالى يحدث لها في تلك الحالة عقلاً وتمييزًا، وإلا فالتمييز منها محال ما دامت على حقيقة صنعتها الأولى.


(١) ذكره عن مجاهد: الثعلبي ٣/ ٤٩ أوبنحوه رواه الطبري ١٧/ ١٣٠. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ١٧ ونسبه أيضًا لعبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) ذكره الطوسي في "التبيان" ٧/ ٢٦٨، والجشمي في "التهذيب" ٦/ ١٧١ ب من غير نسبة لأحد.
(٣) ذكره الثعلبي ٣/ ٤٩ أ، ورواه الطبري ١٧/ ١٣٠. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" ٦/ ١٨ ونسبه أيضًا لعبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) في (ظ)، (د)، (ع): (خلق).
(٥) في (ظ)، (د)، (ع): (حال).
(٦) في (ظ)، (د)، (ع): (فذاك).

<<  <  ج: ص:  >  >>