للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأكل، فأما إذا كان كفارة وجبرانًا لنقصان نسك أو ترك نسك، فلا يجوز له أن يأكل منه، وذلك مثل دم القرآن والتمتع (١)؛ لأنه وجب بترك أحد الميقاتين، وكذلك دم الإساءة لأنه وجب بسبب مجاوزة الميقات وكذلك دما (٢) القَلَمِ والحلق وسائر المحظورات (٣)، وإنما أكل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من لحم هديه (٤)، لأنه أفرد الحج فلم يجب عليه في حجه دم (٥).

والذي ذكرنا في قوله {فَكُلُوا} أنه أمر إباحة هو قول جميع المفسرين (٦).


(١) هذا مذهب الشافعي. وذهب جمهور العلماء إلى جواز الأكل من دم القرآن والتمتع، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أكل من هديه وكان قارنًا، وأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- تمتعن معه في حجة الوداع، وأدخلت عائشة الحج على العمرة فصارت قارنة، ثم ذبح عنهن النبي -صلى الله عليه وسلم- البقرة، فأكلن من لحمها. انظر تفصيل ذلك في: "صحيح البخاري" كتاب: الحج، باب: ما يأكل من البدن ٣/ ٥٥٧ - ٥٥٨، "أحكام القرآن" للجصاص ٣/ ٢٣٦، "المغني" لابن قدامة ٥/ ٤٤٤ - ٤٤٦.
(٢) في (ظ): (دم).
(٣) انظر: "الأم" ٢/ ١٨٤، "أحكام القرآن" للجصاص ٣/ ٣٣٧، "الحاوي" ٤/ ١٨٧، "المغني" ٥/ ٤٤٤ - ٤٤٦، "روضة الطالبين" ٣/ ٢٢١ - ٢٢٢، "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي ١٢/ ٤٤.
(٤) روى مسلم في "صحيحه" كتاب: الحج، باب: حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- ٢/ ٨٩٢ من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر، فطبخت، فأكلا من لحمها وشربا من مرقها.
(٥) الصواب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قارنًا للأحاديث الصحيحة الصريحة، ومن ذلك ما رواه مسلم في "صحيحه" كتاب: الحج، باب: جواز التحلل بالإحصار وجواز القرآن ٢/ ٩٠٤ عن ابن عمر أنه أوجب حجا مع عمرته، وطاف لهما طوافًا واحدًا، ثم قال: هكذا فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وانظر بسط القول في هذا الأمر وتحقيقه في "زاد المعاد" لابن القيم ٢/ ١٠٧ - ١٢٢.
(٦) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص ٣/ ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>